. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إنَّهَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ وَاسِعَةً قَالَ: لِاقْتِضَاءِ النَّهْيِ الْفَسَادِ. وَقَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ: لَا تُكْرَهُ فِي الْوَاسِعَةِ إذْ لَا ضَرَرَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُمَا الْإِضْرَارُ بِالْمَاءِ. وَأَمَّا فِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ ثَابِتَةٌ تَسْتُرُهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُصَلٍّ عَلَى الْبَيْتِ لَا إلَى الْبَيْتِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الصِّحَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ مِنْ بِنَائِهَا قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَالَ: لِأَنَّهُ كَمُسْتَقْبِلِ الْعَرْصَةِ لَوْ هُدِمَ الْبَيْتُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَذَكَرَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ الصَّلَاةَ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَإِلَى جِدَارِ مِرْحَاضٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَالْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ وَإِلَى التَّمَاثِيلِ وَفِي دَارِ الْعَذَابِ. وَزَادَ الْعِرَاقِيُّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالصَّلَاةَ إلَى النَّائِمِ وَالْمُتَحَدِّثِ وَالصَّلَاةَ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَالصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ وَالصَّلَاةَ إلَى التَّنُّورِ فَصَارَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَدَلِيلُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ. أَمَّا السَّبْعَةُ الْأُولَى فَلِمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَى الْمَقْبَرَةِ فَلِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَى جِدَارِ مِرْحَاضٍ فَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سَبْعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِلَفْظِ «نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ تُجَاهَهُ» حُشٌّ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ إسْنَادُهُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّى إلَى الْحُشِّ» وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " لَا يُصَلَّى تُجَاهَ حُشٍّ " وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ فَذَكَرَ مِنْهَا الْحُشَّ.
وَفِي كَرَاهِيَةِ اسْتِقْبَالِهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا الْكَنِيسَةُ وَالْبِيعَةُ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْكَنِيسَةِ إذَا كَانَ فِيهَا تَصَاوِيرُ، وَقَدْ رُوِيَتْ الْكَرَاهَةُ عَنْ الْحَسَنِ وَلَمْ يَرَ الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ بَأْسًا وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَةِ بَأْسًا، وَصَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي كَنِيسَةٍ.
وَلَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اتِّخَاذِهِمْ لِقُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ مَسَاجِدَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ جَمِيعُ الْبَيْعِ وَالْمَسَاجِدِ مَظِنَّةً لِذَلِكَ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَى التَّمَاثِيلِ فَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ قَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَزِيلِي عَنِّي قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي» وَكَانَ لَهَا سِتْرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي دَارِ الْعَذَابِ فَلِمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَقَالَ: «نَهَانِي حِبِّي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ» وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ. وَأَمَّا إلَى النَّائِمِ وَالْمُتَحَدِّثِ فَهُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، وَأَمَّا فِي بَطْنِ الْوَادِي فَوَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْبَابُ بَدَلَ الْمَقْبَرَةِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهِيَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ لَا تُعْرَفُ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَلِمَا فِيهَا مِنْ اسْتِعْمَالِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute