٧٦٤ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا.» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ) .
بَابُ افْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَوُّذٍ وَلَا سَكْتَةٍ
٧٦٥ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نَهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] وَلَمْ يَسْكُتْ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَسُقُوطِهِ بِالسَّهْوِ.
٧٦٦ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
ــ
[نيل الأوطار]
فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد " عَلَى فَخِذِهِ " بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بِالْإِفْرَادِ أَيْضًا وَقَالَ: هَكَذَا الرِّوَايَةُ ثُمَّ قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ أَظُنُّهَا لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ: يَعْنِي أَبَا دَاوُد عَلَى فَخِذَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْمَعْنَى. وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد فِي بَابِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالْإِفْرَادِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ التَّثْنِيَةُ كَمَا فِي رُكْبَتَيْهِ
٧٦٤ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا.» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ) .
الْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهِيَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَبْلَ النُّهُوضِ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِهَا وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْأَكْثَرُ، وَاحْتَجَّ لَهُمْ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى وَصْفِ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ الْجِلْسَةَ بَلْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّهُ قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ مِنْ أَجْلِهَا، لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ الْعِلَّةِ، وَبِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ
وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَا عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَّفِقْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ فِي نَفْيِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ، بَلْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِإِثْبَاتِهَا. وَأَمَّا الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اُسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمَا عَلَى نَفْيِ كَوْنِهَا سُنَّةً بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ إنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا عَنْ مَجْمُوعِهِمْ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا بِمَا وَقَعَ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ «كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ اسْتَوَى قَائِمًا» وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ لَا مَنْ قَالَ بِالِاسْتِحْبَابِ لِمَا عَرَفْت، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ وَائِلٍ قَدْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ «كَانَ يَقُومُ كَأَنَّهُ السَّهْمُ» وَهَذَا لَا يَنْفِي الِاسْتِحْبَابَ الْمُدَّعَى عَلَى أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ، وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا قَدَّمْنَا