للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٦٣ - (وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ سَعْدُ: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) . .

١٤٦٤ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ رَجُلٌ يَلْحَدُ، وَآخَرُ يَضْرَحُ، فَقَالُوا: نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إلَيْهِمَا، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِابْنِ مَاجَهْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: إنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ كَانَ يَضْرَحُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَلْحَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ رَاوِيهِ عَنْ هِشَامٍ، فَمِنْهُمْ مِنْ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ ابْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أَبَا الدَّهْمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا أَحَدًا. قَوْلُهُ: (يُوصِي) بِالْوَاوِ وَالصَّادِ مِنْ التَّوْصِيَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّاقِ أَنَّ الصَّوَابَ يَرْمِي بِالرَّاءِ وَالْمِيمِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.

وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْصِيَةِ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِلدَّفْنِ بِتَوْسِيعِ الْقَبْرِ وَتَفَقُّدِ مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّفَقُّدِ

قَوْلُهُ: (رُبَّ عَذْقٍ) الْعَذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنَ: النَّخْلَةُ وَالْجَمْعُ أَعْذُقُ وَأَعْذَاقٌ، وَبِكَسْرِ الْعَيْنِ الْقِنْوُ مِنْهَا وَالْعُنْقُودُ مِنْ الْعِنَبِ وَالْجَمْعُ أَعْذَاقٌ وَعُذُوقٌ. قَوْلُهُ: (وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إعْمَاقِ الْقَبْرِ وَإِحْسَانِهِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْإِعْمَاقِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَامَةٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى السُّرَّةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إلَى الثَّدْيِ، وَأَقَلَّهُ مَا يُوَارِي الْمَيِّتَ وَيَمْنَعُ السَّبُعَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ لَإِعْمَاقِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: " أَعْمِقُوا الْقَبْرَ إلَى قَدْرِ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ "

قَوْلُهُ: (وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ. . . إلَخْ) فِيهِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ إذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ كَمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ. قَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: أَوْ تَبَرُّكًا كَقَبْرِ فَاطِمَةَ فِيهِ خَمْسَةٌ، يَعْنِي فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ زَيْنَ الْعَابِدِينَ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ وَوَلَدَهُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ وَهَذَا مِنْ الْمُجَاوَرَةِ لَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ تَرْكِ غُسْلِ الشَّهِيدِ طَرَفًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَى دَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ. قَوْلُهُ: (قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ أَخَذًا لِلْقُرْآنِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ سَائِرُ الْمَزَايَا الدِّينِيَّةِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>