للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٥٩ - (وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ) . .

١٤٦٠ - (وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ «أَنَّ جِنَازَةً مَرَّتْ بِالْحَسَنِ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَقَامَ الْحَسَنُ وَلَمْ يَقُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ الْحَسَنُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا قَامَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: قَامَ وَقَعَدَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْمُهَذَّبِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى اسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: إنَّ الْقِيَامَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْآتِي. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ مَنْسُوخًا أَوْ يَكُونَ لَعِلَّةٍ، وَأَيُّهُمَا كَانَ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَرَكَهُ بَعْدَ فِعْلِهِ وَالْحُجَّةُ فِي الْآخَرِ مِنْ أَمْرِهِ وَالْقُعُودُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا هُوَ الْحَقُّ

وَظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ يُشْرَعُ الْقِيَامُ لِجِنَازَةِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ كَمَا تَقَدَّمَ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: " ثُمَّ قَعَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ " وَقَدْ خَرَّجَ حَدِيثَ عَلِيٍّ مُسْلِمٌ بِاللَّفْظِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْبَزَّارِ «أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ هَكَذَا يَفْعَلُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْلِسُوا وَخَالِفُوهُمْ» وَفِي إسْنَادِهِ بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ وَهُوَ لَيِّنٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ عُبَادَةَ غَرِيبٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهَمْدَانِيُّ: لَوْ صَحَّ لَكَانَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ فَلَا يُقَاوِمُهُ هَذَا الْإِسْنَادُ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَنْ قَالَ إنَّ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ مَنْسُوخٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ذَهَبَ جَمْعٌ مِنْ السَّلَفِ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَهُوَ هَهُنَا مُمْكِنٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عَلِيِّ بِاللَّفْظِ الَّذِي سَبَقَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ لِمَا عَرَّفْنَاك

<<  <  ج: ص:  >  >>