للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الثَّوَابُ عَلَى الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ

٢٤٧٨ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ) .

٢٤٧٩ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِبَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، قَالَ:

ــ

[نيل الأوطار]

وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ خُزَيْمَةَ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي «أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَأَهْدَى لَهُ، فَقَالَ: إنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ» الْحَدِيثَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: (زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا دَالٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ الرِّفْدِ اهـ. يُقَالُ: زَبَدَهُ يَزْبِدهُ بِالْكَسْرِ، وَأَمَّا يَزْبُدهُ بِالضَّمِّ: فَهُوَ إطْعَامُ الزُّبْدِ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبِلَ هَدِيَّةَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: إنَّمَا رَدَّهَا لِيَغِيظَهُ فَيَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْلَامِ

وَقِيلَ: رَدَّهَا لِأَنَّ لِلْهَدِيَّةِ مَوْضِعًا مِنْ الْقَلْبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمِيلَ إلَيْهِ بِقَلْبِهِ، فَرَدَّهَا قَطْعًا لِسَبَبِ الْمِيلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِقَبُولِ هَدِيَّةِ النَّجَاشِيِّ وَأُكَيْدِرَ دَوْمَةَ وَالْمُقَوْقِسِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَجَمَعَ الطَّبَرِيُّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ: الِامْتِنَاعُ فِيمَا أُهْدِيَ لَهُ خَاصَّةً، وَالْقَبُولُ فِيمَا أُهْدِيَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّةِ الْجَوَازِ السَّابِقَةِ مَا وَقَعَتْ الْهَدِيَّةُ فِيهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ بِهَدِيَّتِهِ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ، وَالْقَبُولُ فِي حَقِّ مَنْ يُرْجَى بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُ وَتَأْلِيفُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأُمَرَاءِ، وَيَجُوزُ لَهُ خَاصَّةً

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ أَحَادِيثَ الْجَوَازِ مَنْسُوخَةٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَطَّابِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ، وَكَذَلِكَ الِاخْتِصَاصُ وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا اسْتَنْبَطَ مِنْهُ جَوَازَ قَبُولِ هَدِيَّةَ الْوَثَنِيِّ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ حَمَلَ رَدَّ الْهَدِيَّةِ عَلَى الْوَثَنِيِّ دُونَ الْكِتَابِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاهِبَ الْمَذْكُورَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَثَنِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>