للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنِّي، فَقَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد لَكِنْ فِي لَفْظِهِ: «وَأَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ مِنِّي»

ــ

[نيل الأوطار]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ

قَوْلُهُ: (وَعَاءً) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ وَقَدْ يُضَمُّ: وَهُوَ الظَّرْفُ، وَقَرَأَ السَّبْعَةُ {قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: ٧٦] بِالْكَسْرِ وَالْحِوَاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْمَدِّ: اسْمٌ لِكُلِّ شَيْءٍ يَحْوِي غَيْرَهُ: أَيْ يَجْمَعُهُ وَالسِّقَاءُ بِكَسْرِ السِّينِ: أَيْ يُسْقَى مِنْهُ اللَّبَنَ وَمُرَادُ الْأُمِّ بِذَلِكَ أَنَّهَا أَحَقُّ بِهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ دُونَ الْأَبِ قَوْلُهُ: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى بِالْوَلَدِ مِنْ الْأَبِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ بِالنِّكَاحِ لِتَقْيِيدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَحَقِّيَّةِ بِقَوْلِهِ: " مَا لَمْ تَنْكِحِي " وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا النِّكَاحُ بَطَلَتْ حَضَانَتُهَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْعِتْرَةُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالنِّكَاحِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ تَزَوَّجَتْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَ وَلَدُهَا فِي كَفَالَتِهَا» وَبِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنَةِ حَمْزَةَ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْبَقَاءِ مَعَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ قَرِيبٌ غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي: بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْخَالَةِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْأُمِّ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ النِّكَاحَ إذَا كَانَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِلْمَحْضُونِ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ حَقُّ حَضَانَتِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَبْطُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَمْ يَفْصِلْ وَهُوَ الظَّاهِرُ

وَحَدِيثُ ابْنَةِ حَمْزَةَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ لِأَنَّ جَعْفَرًا لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِابْنَةِ حَمْزَةَ وَأَمَّا دَعْوَى دَلَالَةِ الْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا زَعَمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَغَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَلَمْ يَسْمَعْ أَبُوهُ مِنْ جَدِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ صَحِيفَةٌ كَمَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَبِلَهُ الْأَئِمَّةُ وَعَمِلُوا بِهِ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ لِمَنْ قَالَ: بِأَنَّ النِّكَاحَ إذَا كَانَ بِذِي رَحِمٍ لِلْمَحْضُونِ لَمْ يُبْطِلْ حَقَّ الْمَرْأَةِ مِنْ الْحَضَانَةِ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ " أَنَّهَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: «إنَّ أَبِي أَنْكَحَنِي رَجُلًا لَا أُرِيدُهُ وَتَرَكَ عَمَّ وَلَدِي فَأَخَذَ مِنِّي وَلَدِي فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا: اذْهَبِي فَانْكِحِي عَمَّ وَلَدِك» وَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُرْسَلًا فِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَلَمْ يَقَعْ التَّصْرِيحُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَرْجَعَ الْوَلَدَ إلَيْهَا عِنْدَ أَنْ زَوَّجَهَا بِذِي رَحِمٍ لَهُ

٢٩٨٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا أَبُوك وَهَذِهِ أُمُّك فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْت، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَكَذَلِكَ النَّسَائِيّ وَلَمْ يَذْكُرْ فَقَالَ: " اسْتَهِمَا عَلَيْهِ " وَلِأَحْمَدَ مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ قَالَ فِيهِ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ قَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَهَا: قَدْ سَقَانِي وَنَفَعَنِي)

٢٩٨٦ - (وَعَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ جَدَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ بِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ لَمْ يَبْلُغْ، قَالَ: فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَبَ هَاهُنَا وَالْأُمَّ هَاهُنَا، ثُمَّ خَيَّرَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي «رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُقْعُدْ نَاحِيَةً، وَقَالَ لَهَا: اُقْعُدِي نَاحِيَةً، فَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا قَالَ: اُدْعُوَاهَا، فَمَالَتْ إلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ اهْدِهَا فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَعَبْدُ الْحَمِيدِ هَذَا هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>