. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الْحَافِظُ بِأَنَّ شُعْبَةَ لَا يَرْوِي عَنْ شُيُوخِهِ الْمُدَلِّسِينَ إلَّا مَا هُوَ مَسْمُوعٌ لَهُمْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بَلْ صَرَّحَ النَّسَائِيّ بِسَمَاعِ قَتَادَةَ وَاعْتَذَرَ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةَ أَصَحُّ وَهُوَ اعْتِذَارٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ فَرْعُ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَلَا بَيْنَ مَزِيدٍ وَزِيَادَةٍ غَيْرِ مُنَافِيَةٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إخْرَاجِ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ: غُرَابُ الزَّرْعِ، وَأَفْتَوْا بِجَوَازِ أَكْلِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ مِنْ الْغِرْبَانِ مُلْحَقًا بِالْأَبْقَعِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَبَاحَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ قَتْلَ الْغُرَابِ فِي الْإِحْرَامِ إلَّا عَطَاءَ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: لَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ عَطَاءَ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (وَالْحِدَأَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ عَلَى وَزْنِ عِنَبَةٍ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ فِيهِ الْمَدَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْعَقْرَبُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هَذَا اللَّفْظُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَدْ يُقَالُ: عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ وَلَيْسَ مِنْهَا الْعَقْرَبَانِ بَلْ هِيَ ذُؤَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ كَثِيرَةُ الْقَوَائِمِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَتْلِ الْعَقْرَبِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَأْرَةُ) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّسْهِيلُ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِيهَا جَزَاءٌ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ، أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ: هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَخِلَافُ قَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ: (وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ: إنَّهُ الْأَسَدُ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: وَأَيُّ كَلْبٍ أَعْقَرُ مِنْ الْحَيَّةِ وَقَالَ زُفَرُ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الذِّئْبُ خَاصَّةً. وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ: كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلَ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ فَهُوَ عَقُورٌ. وَكَذَا نَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْكَلْبُ خَاصَّةً وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ سِوَى الذِّئْبِ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] فَاشْتَقَّهَا مِنْ اسْمِ الْكَلْبِ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَقَتَلَهُ الْأَسَدُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ جَوَازُ الْإِطْلَاقِ لَا أَنَّ اسْمَ الْكَلْبِ هُنَا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ مَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنْ قِيلَ: اللَّامُ فِي الْكَلْبِ تُفِيدُ الْعُمُومَ قُلْنَا: بَعْدَ تَسْلِيمِ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ إطْلَاقُ الْكَلْبِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا حَقِيقَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالسَّنَدُ أَنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْكَلْبِ إلَّا الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ، وَالتَّبَادُرُ عَلَامَةُ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمُهُ عَلَامَةُ الْمَجَازِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لَا يَجُوزُ، نَعَمْ إلْحَاقُ مَا عَقَرَ مِنْ السِّبَاعِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ بِجَامِعِ الْعَقْرِ صَحِيحٌ وَأَمَّا أَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ لَفْظِ الْكَلْبِ فَلَا. قَوْلُهُ: (مِنْ الدَّوَابِّ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهِيَ مَا دَبَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ أَخْرَجَ الطَّيْرَ مِنْ الدَّوَابِّ فَهَذَا الْحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute