للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ

١٠٩٤ - (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «مَا سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَفَرًا إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

١٠٩٥ - (وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ

ــ

[نيل الأوطار]

لَا يُشْرَعُ لَهَا الْأَذَانُ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أُجِيبُ بِهِ عَنْ حَدِيثِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُ أَمْرَ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ الْخَطَّابِيِّ فِي الْمَعَالِمِ. وَرُدَّ بِأَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ. قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ نَزَلَ بِالْبَصْرَةِ، قَدْ رُوِيَ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الْقَدْحُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِيهِ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَجُوز كَمَا فِي ضَوْءِ النَّهَارِ فَهُوَ مِنْ الْغَرَائِبِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرِّجَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا» ، زَادَ أَبُو دَاوُد: مِنْ ضِيقِ الْأُزُرِ قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: " وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ " وَفِي أُخْرَى: " كُنْت أَؤُمّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ ". وَالْبُرْدَةُ: كِسَاءٌ صَغِيرٌ مُرَبَّعٌ، وَيُقَال كِسَاءٌ أَسْوَدُ صَغِيرٌ وَبِهِ كُنِّيَ أَبُو بُرْدَةَ قَوْلُهُ: (تَقَلَّصَتْ عَنِّي) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: " خَرَجَتْ اسْتِي " وَفِي أُخْرَى لَهُ: " تَكَشَّفَتْ

قَوْلُهُ: (اسْتَ قَارِئِكُمْ) الْمُرَادُ هُنَا بِالِاسْتِ: الْعَجُزُ، وَيُرَادُ بِهِ حَلْقَةُ الدُّبُرِ قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا) لَفْظُ أَبِي دَاوُد: " فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا " قَوْلُهُ: (مِنْ جَرْمٍ) بِجِيمِ مَفْتُوحَة وَرَاء سَاكِنَة وَهُمْ قَوْمُهُ. وَمِنْ جُمْلَةِ حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ إمَامَةَ الصَّبِيِّ لَا تَصِحُّ لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» وَرُدَّ بِأَنَّ رَفْع الْقَلَمِ لَا يَسْتَلْزِم عَدَمَ الصِّحَّةِ. وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّ صَلَاتَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مَعْنَاهَا: مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مَأْمُورٍ.

وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهَا، بَلْ مَعْنَاهَا اسْتِجْمَاعُ الْأَرْكَانِ وَشُرُوطُ الصِّحَّةِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ مِنْهَا. وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَيْضًا أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ لِمَا مَرَّ وَالصَّبِيُّ غَيْرُ عَدْلٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَدَالَةَ نَقِيضُ الْفِسْقِ وَهُوَ غَيْرُ فَاسِقٍ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ فَرْعُ تَعَلُّقِ الطَّلَبِ وَلَا تَعَلُّقَ، وَانْتِفَاءُ كَوْنِ صَلَاتِهِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِم عَدَمَ صِحَّةِ إمَامَتِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>