بَابُ مَنْ وَقَفَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى أَقْرِبَائِهِ أَوْ وَصَّى لَهُمْ مَنْ يَدْخُلُ فِيهِ
٢٥١٠ - (عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرَحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ سَمِعْت، أُرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} [آل عمران: ٩٢] قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا فَأُشْهِدُك أَنِّي جَعَلْت أَرْضِي بَيْرَحَاءَ لِلَّهِ، فَقَالَ: اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِك، قَالَ فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَلِلْبُخَارِيِّ مَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ: «اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِك» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، يَجْتَمِعَانِ إلَى حَرَامٍ وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرٌو يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا، وَبَيْنَ أُبَيٍّ وَأَبِي طَلْحَةَ سِتَّةَ آبَاءٍ) .
ــ
[نيل الأوطار]
بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ، فَقَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ وَقْفِ الْمُشَاعِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُمْ هَذَا وَبَيَّنَ لَهُمْ الْحُكْمَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنَيِّرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا لِأَنَّهُ يُدْخِلُ الضَّرَرَ عَلَى شَرِيكِهِ قَوْلُهُ: (مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَقْفُ الْحَيَوَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ دَوَامِهِ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَصِحُّ فِي الْخَيْلِ فَقَطْ إذْ هِيَ مَعْرُوضَةٌ لِلتَّلَفِ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا وَيُؤَيِّدُ الصِّحَّةَ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاطَّلَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ وَنَهَاهُ عَنْ شِرَائِهِ بِرُخْصٍ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: بَابُ وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ وَمِنْ أَدِلَّةِ الصِّحَّةِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ، وَحَدِيثُ تَحْبِيسِ خَالِدٍ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute