. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الْعَلَابِسِيُّ: سَيِّئُ الْحِفْظِ. وَأَبُو مَعْشَرٍ الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ خَالَفَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ: هَذَا إسْنَادٌ ضَعِيفٌ، فَنَظَرْنَا فِي الْإِسْنَادِ فَوَجَدْنَا عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: إنَّهُ رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ، فَكَانَ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَعْنِي حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَبْوَابِ التَّخَلِّي.
وَفِي الْبَابَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْمُوَطَّأِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ. وَمِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. وَمِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ عِنْد ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ. وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى مَنْ بَعُدَ عَنْ الْكَعْبَةِ الْجِهَةُ لَا الْعَيْنُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: إنَّ شَطْرَ الْبَيْتِ وَتِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ وَاحِدٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ أَيْضًا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ «الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا مِنْ أُمَّتِي» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ: وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ ضَعِيفٍ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ. وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ إلَى أَنَّ فَرْضَ مَنْ بَعُدَ الْعَيْنُ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِالظَّنِّ لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ عَرَفْت مَا قَدَّمْنَا فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ تَرْجِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ الْبَابِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَيْسَ عَامًّا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَمَا وَافَقَ قِبْلَتَهَا، وَهَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَهَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالَوَيْهِ الْوَهْبِيُّ. قَالَ: وَلِسَائِرِ الْبُلْدَانِ مِنْ السِّعَةِ فِي الْقِبْلَةِ مِثْلُ ذَلِكَ بَيْنَ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ إلَّا بِمَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ إنْ زَالَ عَنْهُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ فَقَدْ تَرَكَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْمَشْرِقُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذَا الْمَغْرِبُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَمَا بَيْنَهُمَا قِبْلَةٌ، قُلْت لَهُ: فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا جَائِزٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْوَسَطَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَفْسِيرُ قَوْلِ أَحْمَدَ هَذَا فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute