وَعَنْ «عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا قَالَ: إنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الْجَالِسِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمَخَارِقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِثْلُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَفِي إسْنَادِهِ حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى.، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِنَحْوِهِ. وَعَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ بِنَحْوِهِ، وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ بِنَحْوِهِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّنَفُّلِ مِنْ قُعُودٍ وَاضْطِجَاعٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا قَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ: لَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ نَائِمًا كَمَا رَخَّصُوا فِيهَا قَاعِدًا، فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ تَكُنْ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ مُدْرَجَةً فِي الْحَدِيثِ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ أَوْ اعْتِبَارًا بِصَلَاةِ الْمَرِيضِ نَائِمًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ، دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ تَطَوُّعِ الْقَادِرِ عَلَى الْقُعُودِ مُضْطَجِعًا. قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي سَمِعْتُ نَائِمًا إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ فَلَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا يُصَلِّيهَا الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ إيمَاءً. قَالَ: وَإِنَّمَا دَخَلَ الْوَهْمُ عَلَى نَاقِلِ الْحَدِيثِ وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ فَقَالَ: أَمَّا نَفْيُ الْخَطَّابِيِّ وَابْنِ بَطَّالٍ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ التَّطَوُّعِ مُضْطَجِعًا لِلْقَادِرِ فَمَرْدُودٌ، فَإِنَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ مِنْهُمَا: الصِّحَّةُ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: أَحَدُهَا الْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي الِاضْطِرَارِ وَالِاخْتِيَارِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ جَوَازُهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي مَعَ هَذَا الْخِلَافِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ الِاتِّفَاقَ انْتَهَى.، وَقَدْ اخْتَلَفَ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ فِي الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ مَحْمُولُ عَلَى التَّطَوُّعِ أَوْ عَلَى الْفَرْضِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْقَادِرِ، فَحَمَلَهُ الْخَطَّابِيِّ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ مَحْمَلٌ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْمَرِيضَ الْمُفْتَرَضَ الَّذِي أَتَى بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ يُكْتَبُ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ لَا نِصْفُهُ
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشَّيْءِ: لَك نِصْفُ أَجْرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ، بَلْ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ مَنَعَهُ اللَّهُ وَحَبَسَهُ عَنْ عَمَلِهِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ. وَحَمَلَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute