٩٨٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) .
٩٨٣ - ( «وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا لَمْ تَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، وَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا، حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ رَكَعَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَزَادُوا إلَّا ابْنَ مَاجَهْ: ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى التَّطَوُّعِ
وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَقَالَ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ تَنْصِيفَ الْأَجْرِ إنَّمَا هُوَ لِلصَّحِيحِ فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَلَّى جَالِسًا فَإِنَّهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ لِمَنْ قَرَأَ قَائِمًا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قِيَامٍ، وَمَنْ قَرَأَ قَاعِدًا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قُعُودٍ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ لِمَنْ قَرَأَ قَاعِدًا.
وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ قَوْلِهَا " وَكَانَ إذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا " فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ الْقِرَاءَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَفْرُغُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَاعِدًا افَيَقُومُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَفْرُغُ مِنْهَا قَائِمًا فَيَقْعُدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَأَمَّا إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ قَرَأَ بَعْضَ الْقِرَاءَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ لِتَمَامِهَا وَيَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قُعُودٍ، وَكَذَا إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا ثُمَّ قَرَأَ بَعْضَ الْقِرَاءَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَقُومَ لِتَمَامِهَا وَيَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قِيَامٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي. وَيَشْكُلُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ «فَإِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا. وَإِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا» ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا، فَكَانَ مَرَّةً يَفْتَتِح قَاعِدًا وَيُتِمُّ قِرَاءَتَهُ قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا، وَكَانَ مَرَّةً يَفْتَتِحُ قَاعِدًا وَيَقْرَأُ بَعْضَ قِرَاءَتِهِ قَاعِدًا وَبَعْضَهَا قَائِمًا وَيَرْكَعُ قَائِمًا، فَإِنَّ لَفْظَ كَانَ لَا يَقْتَضِي الْمُدَاوَمَةَ. وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَفْتَتِحُ قَاعِدًا وَيَقْرَأُ قَاعِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ
وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا، وَفِيهِ " ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute