للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْبَيْعِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ

٢٢١٢ - (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ

ــ

[نيل الأوطار]

فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى صِحَّتِهِ مَعَ الْإِثْمِ وَذَهَبَتْ الْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى فَسَادِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمْ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ الْمُقْتَضِيَ لِلْفَسَادِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لِذَاتِهِ وَلِوَصْفٍ مُلَازِمٍ لَا لِخَارِجٍ قَوْلُهُ (وَحِلْسًا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ بَرْذَعَةِ الْبَعِيرِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْحِلْسُ: الْبِسَاطُ أَيْضًا، وَمِنْهُ حَدِيثُ «كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ» أَوْ مِيتَةٌ قَاضِيَةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ فِيمَنْ يَزِيدُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَلَفَ

وَحَكَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَطَاءَ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا فِي بَيْعِ الْمَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ، وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءَ وَمُجَاهِدٍ. وَرَوَى هُوَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ تُبَاعُ الْأَخْمَاسُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَقِبَ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَرَوْا بَأْسًا بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ فِي الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا مَعْنَى لِاخْتِصَاصِ الْجَوَازِ بِالْغَنِيمَةِ وَالْمِيرَاثِ فَإِنَّ الْبَابَ وَاحِدٌ وَالْمَعْنَى مُشْتَرَكٌ اهـ

وَلَعَلَّهُمْ جَعَلُوا تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالدَّارَقُطْنِيّ قَيْدًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي بَاعَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَدَحَ وَالْحِلْسَ كَانَا مَعَهُ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ غَنِيمَةٍ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا إمَّا لِذَلِكَ وَإِمَّا لِإِلْحَاقِ غَيْرِهِمَا بِهِمَا وَيَكُونُ ذِكْرُهُمَا خَارِجًا مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُمَا الْغَالِبُ عَلَى مَا كَانُوا يَعْتَادُونَ الْبَيْعَ فِيهِ مُزَايَدَةً وَمِمَّنْ قَالَ بِاخْتِصَاصِ الْجَوَازِ بِهِمَا الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيّ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مُدَبَّرٍ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ فَإِنَّ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ وَاحِدٌ ثَمَنًا، ثُمَّ يُعْطِيَ بِهِ غَيْرُهُ زِيَادَةً عَلَيْهِ، نَعَمْ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ» ، وَلَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>