للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

التَّضْعِيفِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ إلَى الْبَيْتِ لَاصِقًا بِالْجِدَارِ، وَالْجِدَارُ الَّذِي أُلْحِدَ تَحْتَهُ هُوَ الْقِبْلَةُ فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ إدْخَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ ضَرُورَةً انْتَهَى

قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أُدْخِلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا ذَكَرُهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَأَطْنَبَ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَى مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ وَنَسَبَهُ إلَى الْجَهَالَةِ وَمُكَابَرَةِ الْحِسِّ. انْتَهَى. قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ: أَنْشِطُوا الثَّوْبَ) بِهَمْزَةٍ فَنُونٍ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ اخْتَلِسُوهُ، ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْقَامُوسِ. وَقَدْ أَخْرَجَ نَحْوَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يُوسُفُ الْقَاضِي بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ أَتَاهُمْ وَهُمْ يَدْفِنُونَ قَيْسًا وَقَدْ بَسَطَ الثَّوْبَ عَلَى قَبْرِهِ فَجَذَبَهُ وَقَالَ: إنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ " وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ صَلَّى عَلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَفِيهِ " ثُمَّ لَمْ يَدَعْهُمْ يَمُدُّونَ ثَوْبًا عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ: هَكَذَا السُّنَّةُ.

" وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِلَفْظِ: " شَهِدْت جِنَازَةَ الْحَارِثِ فَمَدُّوا عَلَى قَبْرِهِ ثَوْبًا " فَجَذَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّهُ حَضَرَ جِنَازَةَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، فَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ أَنْ يَبْسُطُوا عَلَيْهِ ثَوْبًا

قَالَ الْحَافِظُ: لَعَلَّ الْحَدِيثَ كَانَ فِيهِ: فَأَمَرَ أَنْ لَا يَبْسُطُوا، فَسَقَطَتْ لَا، أَوْ كَانَ فِيهِ: فَأَبَى بَدَلُ فَأَمَرَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَلَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرَ سَعْدٍ بِثَوْبِهِ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَحْفَظُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُتِرَ عَلَى الْقَبْرِ حَتَّى دُفِنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِيهِ فَكُنْتُ مِمَّنْ أَمْسَكَ الثَّوْبَ» وَهُوَ إسْنَادُهُ هَذَا الْمُبْهَمَ.

وَقَدْ أَوَّلَهُ الْقَائِلُونَ بِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَبْرِ سَعْدٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَجْرُوحًا وَكَانَ جُرْحُهُ قَدْ تَغَيَّرَ. قَوْلُهُ: (قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. . . إلَخْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ هَذَا الذِّكْرِ عِنْدَ وَضَعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ

قَوْلُهُ: (مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ أَنْ يُحْثَى عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَلِكَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥] ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْهَادِي: بَلَغَنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَانَ إذَا حَثَى عَلَى مَيِّتٍ قَالَ: " اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِك وَإِيقَانًا بِبَعْثِك، هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ ذَرَّةٍ حَسَنَةٌ "

<<  <  ج: ص:  >  >>