للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

يَا بُرَيْدَةَ إذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنْ الرُّكُوعِ فَقُلْ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَلَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ.

وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ مَنْ وَرَاءَهُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» . وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُنْفَرِدَ يَقُولَانِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ وَالْمَأْمُومُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَقَطْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «' إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَفِيهِ «وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَأَخْرَجَا نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ ذَلِكَ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُؤْتَمِّ بِالْحَمْدِ عِنْدَ تَسْمِيعِ الْإِمَامِ لَا يُنَافِي فِعْلَهُ لَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذَا قَالَ الْإِمَامُ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] فَقُولُوا آمِينَ " قِرَاءَةَ الْمُؤْتَمِّ لِلْفَاتِحَةِ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْمُؤْتَمِّ بِالتَّحْمِيدِ لَا يُنَافِي مَشْرُوعِيَّتَهُ لِلْإِمَامِ كَمَا لَا يُنَافِي أَمْرُ الْمُؤْتَمِّ بِالتَّأْمِينِ تَأْمِينَ الْإِمَامِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ التَّحْمِيدُ لِلْإِمَامِ وَالتَّسْمِيعُ لِلْمُؤْتَمِّ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى هِيَ الْمَذْكُورَةُ سَابِقًا، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " ثَابِتَةٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهَا زِيَادَةٌ فَيَكُونُ الْأَخْذُ بِهَا أَرْجَحُ، لَا كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ: أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَهِيَ عَاطِفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ رَبَّنَا وَهُوَ اسْتَجِبْ كَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، أَوْ حَمَدْنَكَ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، أَوْ الْوَاوُ زَائِدَةٌ كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءِ، أَوْ لِلْحَالِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ: رَبَّنَا، قَالَ: وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا، قَالَ: لَكَ الْحَمْدُ

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: لَمْ يَأْتِ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ الْجَمْعُ بَيْنَ لَفْظِ اللَّهُمَّ وَبَيْنَ الْوَاوِ. وَأَقُولُ: قَدْ ثَبَتَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ: صَلَاةِ الْقَاعِدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ وَإِذَا قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: " اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " قَدْ تَطَابَقَتْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ النُّسَخُ الصَّحِيحَةُ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي) فِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرُ الْهَوِيِّ فَيَبْتَدِئُ بِهِ مِنْ حِينِ يَشْرَعُ فِي الْهَوِيِّ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ إلَى حِينِ يَتَمَكَّنُ سَاجِدًا. قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ) يَعْنِي الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا وَأَحْمَدَ، لِأَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ فِي اصْطِلَاحِهِ هُوَ مَا أَخْرَجَهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ لَا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فَقَطْ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ غَيْرِهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَكْبِيرِ النَّقْلِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِمْ مُسْتَوْفًى

٧٤١ - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>