للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٨٠ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى النِّسَاءَ فِي الْإِحْرَامِ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ

ــ

[نيل الأوطار]

وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِلَفْظِ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ) ؟» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ بِلَفْظِ: مَا يَتْرُكُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْمَرْأَةُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسَ جَمِيعِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَشْتَرِكُ مَعَ الرَّجُلِ فِي مَنْعِ الثَّوْبِ الَّذِي مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أَوْ الْوَرْسُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لَا يَلْبَسُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِي مَعْنَى النَّهْيِ.

وَرُوِيَ بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ قَالَ عِيَاضٌ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ وَقَدْ نَبَّهَ بِالْقَمِيصِ عَلَى كُلِّ مَخِيطٍ وَبِالْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ عَلَى غَيْرِهِ وَبِالْخِفَافِ عَلَى كُلِّ سَاتِرٍ قَوْلُهُ: (وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ) الْوَرْسُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ نَبْتٌ أَصْفَرُ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُصْبَغُ بِهِ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَيْسَ الْوَرْسُ مِنْ الطِّيبِ وَلَكِنَّهُ نَبَّهَ بِهِ عَلَى اجْتِنَابِ الطِّيبِ وَمَا يُشْبِهُهُ فِي مُلَايَمَةِ الشَّمِّ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَنْوَاعِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّطَيُّبُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: مَسَّهُ، تَحْرِيمُ مَا صُبِغَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَلَكِنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصْبُوغِ رَائِحَةٌ فَإِنْ ذَهَبَتْ جَازَ لُبْسُهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ قَوْلُهُ: «إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ» ) فِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ بِهَا يَرْتَبِطُ ذِكْرُ النَّعْلَيْنِ بِمَا قَبْلَهُمَا وَهِيَ " وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ " وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَاجِدَ النَّعْلَيْنِ لَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْوُجْدَانِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّحْصِيلِ.

قَوْلُهُ: (فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مِفْصَلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ لَبِسَهُمَا إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ، وَتُعَقِّبُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ شَرْطٌ لِجَوَازِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ أَجَازَ لُبْسَهُمَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي، وَأَجَابَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ وَهُوَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ مَا يَصْنَعُ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>