. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي الْإِحْيَاء: إنَّ الصَّفّ الْأَوَّل هُوَ الْمُتَّصِل الَّذِي فِي فِنَاء الْمِنْبَر وَمَا عَنْ طَرَفَيْهِ مَقْطُوع. قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُول: الصَّفّ الْأَوَّل هُوَ الْخَارِج بَيْن يَدَيْ الْمِنْبَر، قَالَ: وَلَا يَبْعُد أَنْ يُقَال: الْأَقْرَب إلَى الْقِبْلَة هُوَ الْأَوَّل
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْح مُسْلِمٍ: الصَّفّ الْأَوَّل الْمَمْدُوح الَّذِي وَرَدَتْ الْأَحَادِيث بِفَضْلِهِ هُوَ الصَّفّ الَّذِي يَلِي الْإِمَام سَوَاء جَاءَ صَاحِبه مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا، سَوَاء تَخَلَّلَهُ مَقْصُورَةٌ أَوْ نَحْوُهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ
وَقَالَ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء: الصَّفّ الْأَوَّل هُوَ الْمُتَّصِل مِنْ طَرَف الْمَسْجِد إلَى طَرَفه لَا تَقْطَعهُ مَقْصُورَة وَنَحْوهَا، فَإِنْ تَخَلَّلَ الَّذِي يَلِي الْإِمَام فَلَيْسَ بِأَوَّلَ بَلْ الْأَوَّل مَا لَمْ يَتَخَلَّلهُ شَيْء، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيّ. وَقِيلَ: الصَّفّ الْأَوَّل عِبَارَة عَنْ مَجِيء الْإِنْسَان إلَى الْمَسْجِد أَوَّلَا وَإِنْ صَلَّى فِي صَفّ آخَر. قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ: نَرَاك تُبَكِّر وَتُصَلِّي فِي آخِر الصُّفُوف، فَقَالَ: إنَّمَا يُرَاد قُرْب الْقُلُوب لَا قُرْب الْأَجْسَاد، وَالْأَحَادِيث تَرُدّ هَذَا. قَوْله: (إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ. . . إلَخْ) لَفْظ أَبِي دَاوُد «إنَّ اللَّه وَمَلَائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِن الصُّفُوف» وَفِيهِ اسْتِحْبَاب الْكَوْن فِي يَمِينِ الصَّفّ الْأَوَّل وَمَا بَعْده مِنْ الصُّفُوف. قَوْله: (وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ) أَيْ لِيَقْتَدِ بِكُمْ مَنْ خَلْفكُمْ مِنْ الصُّفُوف
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ الشَّعْبِيُّ عَلَى قَوْله: إنَّ كُلّ صَفّ مِنْهُمْ إمَام لِمَنْ وَرَاءَهُ، وَعَامَّة أَهْل الْعِلْم يُخَالِفُونَهُ. قَوْله: (لَا يَزَال قَوْم يَتَأَخَّرُونَ) زَادَ أَبُو دَاوُد " عَنْ الصَّفّ الْأَوَّل ". قَوْله: (حَتَّى يُؤَخِّرهُمْ اللَّه) أَيْ يُؤَخِّرهُمْ اللَّهُ عَنْ رَحْمَته وَعَظِيم فَضْله، أَوْ عَنْ رُتْبَة الْعُلَمَاء الْمَأْخُوذ عَنْهُمْ، أَوْ عَنْ رُتْبَة السَّابِقِينَ. وَقِيلَ: إنَّ هَذَا فِي الْمُنَافِقِينَ، وَالظَّاهِر أَنَّهُ عَامّ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ
وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى الْكَوْن فِي الصَّفّ الْأَوَّل وَالتَّنْفِير عَنْ التَّأَخُّر عَنْهُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضِيلَة الصَّلَاة فِي الصَّفّ الْأَوَّل أَحَادِيث غَيْر مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف. مِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْد مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «خَيْرُ صُفُوف الرِّجَال أَوَّلهَا» الْحَدِيث. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَلَهُ حَدِيث آخَر مُتَّفَق عَلَيْهِ «لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْد ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِنَحْوِ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّل، عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عِنْد النَّسَائِيّ وَابْنِ مَاجَهْ وَأَحْمَدَ «أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَغْفِر لِلصَّفِّ الْمُقَدَّم ثَلَاثًا، وَلِلثَّانِي مَرَّة» ، وَعَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عِنْد ابْنِ مَاجَهْ بِنَحْوِ حَدِيث عَائِشَةَ. وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بِنَحْوِهِ عِنْد أَحْمَدَ وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عِنْد أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث فِيهِ نَحْو حَدِيث عَائِشَةَ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute