للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب الصَّلَاة فِي السَّفِينَة

١١٥٣ - (عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ أُصَلِّي فِي السَّفِينَةِ؟ قَالَ: صَلِّ فِيهَا قَائِمًا إلَّا أَنْ تَخَافَ الْغَرَقَ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْط الصَّحِيحَيْنِ) .

١١٥٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةُ قَالَ: صَحِبْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فِي سَفِينَةٍ فَصَلَّوْا قِيَامًا فِي جَمَاعَةٍ أَمَّهُمْ

ــ

[نيل الأوطار]

وَفِي إسْنَادهمَا ضَعْف. وَحَدِيث عِمْرَانَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِمَنْ حَصَلَ لَهُ عُذْر لَا يَسْتَطِيع مَعَهُ الْقِيَام أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَلِمَنْ حَصَلَ لَهُ عُذْر لَا يَسْتَطِيع مَعَهُ الْقُعُود أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبه. وَالْمُعْتَبَر فِي عَدَم الِاسْتِطَاعَة عِنْد الشَّافِعِيَّة هُوَ الْمَشَقَّة أَوْ خَوْف زِيَادَة الْمَرَض أَوْ الْهَلَاك لَا مُجَرَّد التَّأَلُّم فَإِنَّهُ لَا يُبِيح ذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَنْصُور بِاَللَّهِ، وَظَاهِر قَوْله: " فَقَاعِدًا " أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون الْقُعُود عَلَى أَيِّ صِفَةٍ شَاءَ الْمُصَلِّي، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَام الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ

وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِم وَالْمُؤَيَّد بِاَللَّهِ: إنَّهُ يَتَرَبَّع وَاضِعًا لِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ وَالْمَنْصُورُ: إنَّهُ كَقُعُودِ التَّشَهُّد، وَهُوَ خِلَاف فِي الْأَفْضَل وَالْكُلّ جَائِز. وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ: " فَعَلَى جَنْبك " هُوَ الْجَنْب الْأَيْمَن كَمَا فِي حَدِيث عَلِيٍّ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُور، قَالُوا: وَيَكُون كَتَوَجُّهِ الْمَيِّت فِي الْقَبْر

وَقَالَ الْهَادِي: وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْض الشَّافِعِيَّة: أَنَّهُ يَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْره وَيَجْعَل رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَة. وَحَدِيثَا الْبَاب يَرُدَّانِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الشَّارِع قَدْ اقْتَصَرَ فِي الْأَوَّل مِنْهُمَا عَلَى الصَّلَاة عَلَى الْجَنْب عِنْد تَعَذُّر الْقُعُود، وَفِي الثَّانِي قَدَّمَ الصَّلَاة عَلَى الْجَنْب عَلَى الِاسْتِلْقَاء

وَحَدِيث عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرْكَع وَيَسْجُد قَاعِدًا يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُود وَيَجْعَل الْإِيمَاء لِسُجُودِهِ أَخْفَض مِنْ الْإِيمَاء لِرُكُوعِهِ، وَأَنْ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصَّلَاة عَلَى جَنْبه يُصَلِّي مُسْتَلْقِيَا جَاعِلَا رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَة. وَظَاهِر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْإِيمَاء مِنْ الْمُسْتَلْقِي لَمْ يَجِب عَلَيْهِ شَيْء بَعْد ذَلِكَ. وَقِيلَ: يَجِب الْإِيمَاء بِالْعَيْنَيْنِ. وَقِيلَ: بِالْقَلْبِ

وَقِيلَ: يَجِب إمْرَار الْقُرْآن عَلَى الْقَلْب وَالذِّكْر عَلَى اللِّسَان ثُمَّ عَلَى الْقَلْب، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وَقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَالْبَوَاسِير الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث عِمْرَانَ قِيلَ هِيَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة، وَقِيلَ بِالنُّونِ، وَالْأَوَّل وَرَم فِي بَاطِن الْمَقْعَدَة، وَالثَّانِي قُرْحَة فَاسِدَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>