للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٦٠ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَانَا وَنَحْنُ ضُلَّالٌ فَعَلَّمَنَا، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ) .

١١٦١ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

بَابُ الرَّدّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا خَرَجَ نَهَارَا لَمْ يَقْصُر إلَى اللَّيْل

١١٦٢ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْحَدِيثُ الْمَرْوِيّ عَنْ عُمَرَ رِجَاله رِجَال الصَّحِيحِ إلَّا يَزِيدَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى بِأَسَانِيدَ رِجَالهَا رِجَال الصَّحِيحِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: هُوَ ثَابِتٌ عَنْهُ. قَالَ: وَهُوَ «الَّذِي سَأَلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا بَالُنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» قَالَ: وَلَا تَنَاقُض بَيْن حَدِيثِيهِ، فَإِنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَجَابَهُ بِأَنَّ هَذَا صَدَقَة اللَّه عَلَيْكُمْ وَدِينه الْيُسْر السَّمْحُ، عَلِمَ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد مِنْ الْآيَة قَصْر الْعَدَدِ كَمَا فَهِمَهُ كَثِير مِنْ النَّاس، قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ مِنْ غَيْر قَصْر» وَعَلَى هَذَا فَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى أَنَّ قَصْر الْعَدَدِ مُبَاحٌ مَنْفِيّ عَنْهُ الْجُنَاحُ، فَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَتَمَّهُ، وَقَدْ كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَاظِبُ فِي أَسْفَاره عَلَى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يُرَبِّع قَطُّ إلَّا شَيْئًا فَعَلَهُ فِي بَعْض صَلَاة الْخَوْف وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

وَفِي رِوَايَة: «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْده أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِالرُّخْصَةِ: التَّسْهِيل وَالتَّوْسِعَة فِي تَرْك بَعْض الْوَاجِبَاتِ أَوْ إبَاحَة بَعْض الْمُحَرَّمَاتِ. وَهِيَ فِي لِسَانِ أَهْل الْأُصُول: الْحُكْم الثَّابِتُ عَلَى خِلَاف دَلِيل الْوُجُوبِ أَوْ الْحُرْمَة لِعُذْرٍ.

وَفِيهِ أَنَّ اللَّه يُحِبّ إتْيَان مَا شَرَعَهُ مِنْ الرُّخَص، وَفِي تَشْبِيه تِلْكَ الْمَحَبَّة بِكَرَاهَتِهِ لِإِتْيَانِ الْمَعْصِيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ فِي تَرْك إتْيَان الرُّخْصَة تَرْك طَاعَة، كَالتَّرْكِ لِلطَّاعَةِ الْحَاصِل بِإِتْيَانِ الْمَعْصِيَة. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْأَوَّل مِنْ أَدِلَّة الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقَصْر وَاجِبٌ، لِقَوْلِهِ: «فَكَانَ فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>