للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " دَخَلَ رَجُلٌ " هُوَ سُلَيْكٌ، بِمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرًا، ابْنُ هَدِيَّةٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ، وَقَعَ مُسَمًّى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقِيلَ: هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ، كَذَا وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ الْأَعْمَشِ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: وَهِمَ فِيهِ مَنْصُورٌ. وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ " أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ " الْحَدِيثَ، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: الْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، كَذَا عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ.

وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ " جَاءَ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ الْمَسْجِدَ " فَذَكَر نَحْو قِصَّةَ سُلَيْكٌ. قَالَ الْحَافِظُ: لَا يُخَالِفُ كَوْنَهُ سُلَيْكًا، فَإِنَّ غَطَفَانَ مِنْ قَيْسٍ قَوْلُهُ: (صَلَّيْتُ) قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ. وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْحَسَنُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَمَكْحُولٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ فُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ.

وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ حَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ. وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ إلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّيهِمَا حَالَ الْخُطْبَةِ، حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَحَكَاهُ الْعِرَاقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ عُثْمَانَ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ. وَأَجَابُوا عَنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسُلَيْكٍ بِأَنَّ ذَلِكَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا، فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهَا بِسُلَيْكٍ.

قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَقَالَ لَهُ: أَصَلَّيْتَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: صَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ، وَحَضَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَهُوَ قَائِمٌ فَيَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ» . وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ دَخَلَ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَفْطِنَ لَهُ رَجُلٌ فَيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ " وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسُلَيْكٍ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: " لَا تَعُودَنَّ لِمِثْلِ هَذَا " أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَرُدَّ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ، وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَدَ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ الْقَوْلَ بِجَوَازِ التَّحِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَانِعِينَ لَا يُجَوِّزُونَ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِعِلَّةِ التَّصَدُّقِ، وَلَوْ سَاغَ هَذَا لَسَاغَ مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ. وَمِمَّا يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. . . إلَخْ " فَإِنَّ هَذَا نَصٌّ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّأْوِيلُ

قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا أَظُنُّ عَالِمًا يَبْلُغهُ هَذَا اللَّفْظُ صَحِيحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>