للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ: «كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَفَسَّرَ الْأَذَانَيْنِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، يَعْنِي تَغْلِيبًا.

قَوْلُهُ: (إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ) قَالَ الْمُهَلَّبُ: الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْأَذَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِيَعْرِفَ النَّاسُ جُلُوسَ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُنْصِتُونَ لَهُ إذَا خَطَبَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ» فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لِمُطْلَقِ الْإِعْلَامِ لَا لِخُصُوصِ الْإِنْصَاتِ، نَعَمْ لَمَّا زِيدَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ كَانَ لِلْإِعْلَامِ، وَكَانَ الَّذِي بَيْن يَدَيْ الْخَطِيبِ لِلْإِنْصَاتِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ) أَيْ خَلِيفَةً قَوْلُهُ: (وَكَثُرَ النَّاسُ) أَيْ بِالْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَكَانَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ بَعَدَ مُضِيّ مُدَّةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ كَمَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَوْلُهُ: (زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ) فِي رِوَايَةٍ " فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ " وَفِي رِوَايَةٍ " التَّأْذِينُ الثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ " وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ ثَالِثً بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَزِيدًا، وَأَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِ فِعْلِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْأَذَانِ الْحَقِيقِيّ لَا الْإِقَامَةَ قَوْلُهُ (عَلَى الزَّوْرَاءِ) بِفَتْحِ الزَّاي وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدهَا رَاءٌ مَمْدُودَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هِيَ مَوْضِعٌ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هُوَ حَجَرٌ كَبِيرٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ. وَرُدَّ بِمَا عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا دَارٌ بِالسُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " فَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى دَارٍ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ فَكَانَ يُؤَذَّنُ عَلَيْهَا، فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ الْأَوَّلَ، فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ الصَّلَاةَ " قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا بِفِعْلِ عُثْمَانَ فِي جَمِيع الْبِلَادِ إذْ ذَاكَ لِكَوْنِهِ خَلِيفَةٌ مُطَاعُ الْأَمْرِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ بِمَكَّةَ الْحَجَّاجُ وَبِالْبَصْرَةِ زِيَادٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَبَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ الْغَرْبِ الْأَدْنَى الْآنَ لَا تَأْذِينَ عِنْدَهُمْ سِوَى مَرَّةٍ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِدْعَةٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ يُسَمَّى بِدْعَةً، وَتَبَيَّنَ بِمَا مَضَى أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَأَلْحَقَ الْجُمُعَةَ بِهَا وَأَبْقَى خُصُوصِيَّتَهَا بِالْأَذَانِ بَيْن يَدَيْ الْخَطِيبِ.

وَأَمَّا مَا أَحْدَثَ النَّاسُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مِنْ الدُّعَاءِ إلَيْهَا بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُون بَعْضٍ، وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَوْلَى، كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ عُمَرَ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ ذَلِكَ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَمُعَاذٌ أَيْضًا خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الشَّامِ فِي أَوَّلِ غَزْوِ الشَّامِ، وَاسْتَمَرَّ فِي الشَّامِ إلَى أَنْ مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْهُمْ بِلَالُ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَسَعْدُ الْقَرَظِ وَأَبُو مَحْذُورَةَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ فِي الْجُمُعَةِ وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ ابْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>