١٠٣ - (وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
كَوْنَهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَلَى كُفْرِهِ بِلَا خِلَافٍ.
قَالَ: وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو مُوسَى فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْذِيبِ فَهُوَ مِنْ تَخْلِيطِ ابْنِ لَهِيعَةَ انْتَهَى مُلْتَقَطًا مِنْ الْفَتْحِ.
١٠٣ - (وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .
الْحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ وَصَحَّحَ إرْسَالَهُ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ الْمَحْفُوظُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَالصَّحِيحُ إرْسَالُهُ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ وَلَلْحَاكِمِ وَابْنِ مَاجَهْ وَأَحْمَدَ: «أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ» قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ انْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: إنَّ رَفْعَهُ بَاطِلٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتُ وَفِيهِ لِينٌ. وَلَفْظُهُ: «إنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ بِالْبَوْلِ فَتَنَزَّهُوا مِنْهُ» .
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَلَفْظُهُ: «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَوْلِ فَقَالَ: إذَا مَسَّكُمْ شَيْءٌ فَاغْسِلُوهُ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ مِنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ» وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إرْسَالِهِ.
وَيُؤَيِّدُ الْحَدِيثَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا. قَوْلُهُ: (تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ) التَّنَزُّه: الْبَعْدُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْمُقْبِرِ مِنْهُ) عَامَّةُ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَكْثَرُ أَسْبَابِهِ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِنْزَاهِ مِنْ الْبَوْلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقَيُّدٍ بِحَالِ الصَّلَاةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ لَكِنْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ اسْتِثْنَاءِ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ تَخْصِيصٌ بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إزَالَتُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَاعْتَذَرَ لَهُ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقَبْرِ إنَّمَا عُذِّبَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُ الْبَوْلَ يَسِيلُ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي بِغَيْرِ طُهُورٍ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَصِحُّ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ.