للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَفِي صُبْحِ يَوْمِهَا

١٢٥٧ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ إلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: ١] فَقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ: إنَّك قَرَأْتَ سُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْكُوفَةِ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ.» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

كَيْفَ؟ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُخْرَجِ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَتُهُ فِي كَلَامِ الرَّجُلِ لَهُ أَنَّهُ كَانَ بَعَدَ نُزُولِهِ عَنْ الْمِنْبَرِ.

قَوْلُهُ: (فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إذَا تَكَلَّمَ أَعَادَ الْخُطْبَة، قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَالسُّنَّةُ أَوْلَى مَا اُتُّبِعَ. قَوْلُهُ: (فَيُكَلِّمُهُ الرَّجُلُ فِي الْحَاجَةِ وَيُكَلِّمُهُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِالْكَلَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخَطِيبِ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُم وَلَا يُكْرَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَبَكْرٍ الْمُزَنِيّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ انْتَهَى. .

وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ مُسْلِمًا قَدْ رَوَى أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَجَرَّد لِلذِّكْرِ وَالتَّضَرُّع. وَاَلَّذِي فِي مُسْلِمٍ إنَّهَا مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ ". وَمِمَّا يُرَجِّحُ تَرْكَ الْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْإِنْصَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ كَمَا عِنْدَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بِلَفْظِ: «فَيُنْصِت حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ» وَأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ بِلَفْظِ: " فَاسْتَمِعْ وَأَنْصِتْ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ جُمُعَتَهُ وَكَلَامَهُ " وَقَدْ تَقَدَّمَا.

وَيُجْمَع بَيْن الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْجَائِزَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ هُوَ كَلَامُ الْإِمَامِ لِحَاجَةٍ، أَوْ كَلَامُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ لِحَاجَةِ. قَوْلُهُ (: وَعُمَرُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ) فِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ حَالَ قُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ ظُهُورَ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ مِنْ دُونِ نَكِيرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ لَهُمْ.

وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: صَحِيحٌ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّن يُقِيمُ يَسْتَخْبِرُ النَّاسَ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَأَسْعَارِهِمْ قَوْلُهُ: (وَسَنَذْكُرُ سُؤَالَ الْأَعْرَابِيِّ. . . إلَخْ) سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>