للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إسْنَادِهِ إيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَة وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَقَدْ صَحَّحَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ إرْسَالُهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا مُقَيَّدًا بِأَهْلِ الْعَوَالِي وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَفِعْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَصَابَ السُّنَّةَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَحَدِيثُ عَطَاءٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُثْمَانَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْخَطَّابِ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ يَجُوزُ تَرْكُهَا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثَيْنِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ صَلَّى الْعِيدَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ، وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: " لِمَنْ شَاءَ " يَدُلّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ تَعُمّ كُلَّ أَحَدٍ.

وَقَدْ ذَهَبَ الْهَادِي وَالنَّاصِرُ وَالْأَخَوَانِ إلَى أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ تَكُونُ رُخْصَةً لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَثَلَاثَةٍ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " وَفِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ هَذَا الْإِخْبَارَ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى، أَعْنِي الْوُجُوبَ. وَيَدُلّ عَلَى عَدَم الْوُجُوبِ وَأَنَّ التَّرْخِيصَ عَامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ تَرْكُ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ الْإِمَامُ إذْ ذَاكَ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَصَابَ السُّنَّةَ، رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَعَدَمُ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَأَيْضًا لَوْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْبَعْضِ لَكَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَعْنَى الرُّخْصَةِ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا تَرْخِيصَ، لِأَنَّ دَلِيلَ وُجُوبِهَا لَمْ يُفَصَّلْ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَنَّ التَّرْخِيصَ يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ. وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِقَوْلِ عُثْمَانُ: مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْل الْعَوَالِي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَنَا الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَفْعَلْ وَرَدَّهُ بِأَنَّ قَوْلَ عُثْمَانَ لَا يُخَصِّصُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ، وَفِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا سَقَطَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ الْأَصْلُ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي افْتَرَضَهُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هُوَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَإِيجَابُ صَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا أَعْلَمْ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعَدَ أَنْ سَاقَ الرِّوَايَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ إنَّمَا وَجْه هَذَا أَنَّهُ رَأَى تَقْدِمَةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَقَدَّمَهَا وَاجْتَزَأَ بِهَا عَنْ الْعِيدِ انْتَهَى. لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ التَّعَسُّفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>