. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ لَا يُحْتَجُّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ، كَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: فَظَهَرَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ إبْرَاهِيمَ مُرْسَلَةٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ» قَوْلُهُ: (مِنْ اسْتَبْرَقٍ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ "
وَالْإِسْتَبْرَقُ: مَا غَلُظَ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَالسِّيَرَاءُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي اللِّبَاسِ قَوْلُهُ: (ابْتَعْ هَذَا فَتَجَمَّلْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا " وَفِي رِوَايَةٍ " ابْتَعْ هَذِهِ وَتَجَمَّلْ " قَوْلُهُ: (لِلْعِيدِ وَالْوَفْدِ) فِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ " لِلْجُمُعَةِ " مَكَانَ الْعِيدِ
قَالَ الْحَافِظُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَكَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَهُمَا مَعًا فَاقْتَصَرَ كُلُّ رَاوٍ عَلَى أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ: (إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ) الْخَلَاقُ: النَّصِيبُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسُ الْحَرِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي اللِّبَاسِ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّجَمُّلِ لِلْعِيدِ تَقْرِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ عَلَى أَصْلِ التَّجَمُّلِ لِلْعِيدِ، وَقَصْرُ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ لَبِسَ مِثْلَ تِلْكَ الْحُلَّةِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ حَرِيرًا
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ. وَأَجَابَ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ أَنْ يَلْبَسَ الْمَرْءُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ لِلْجُمُعَةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ التِّينِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالتَّقْرِيرِ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (بُرْدَ حِبَرَةٍ) كَعِنَبَةٍ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (أَخْمَصِ قَدَمِهِ) الْأَخْمَصُ بِإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَهَا صَادٌ مُهْمَلَةٌ: بَاطِنَ الْقَدَمِ وَمَا رَقَّ مِنْ أَسْفَلِهَا. وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا تُصِيبُهُ الْأَرْضُ عِنْدَ الْمَشْيِ مِنْ بَاطِنِهَا
قَوْلُهُ: (بِالرِّكَابِ أَيْ وَهِيَ فِي رَاحِلَتِهِ) قَوْلُهُ: (فَنَزَعْتُهَا) ذَكَرَ الضَّمِيرُ مُؤَنَّثًا مَعَ أَنَّهُ أَعَادَهُ عَلَى السِّنَانِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْحَدِيدَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَدَمَ.
قَوْلُهُ: (فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ) أَيْ ابْنَ يُوسُفَ الثَّقَفِيَّ وَكَانَ إذْ ذَاكَ أَمِيرًا عَلَى الْحِجَازِ، وَذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ. قَوْلُهُ: (فَجَاءَ يَعُودُهُ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَجَعَلَ يَعُودُهُ " وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ " فَأَتَاهُ " قَوْلُهُ: (لَوْ نَعْلَمُ) لَوْ لِلتَّمَنِّي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةٌ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، وَيُرَجِّحُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ بِلَفْظِ: " لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ عَاقَبْنَاهُ "، وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: " لَوْ أَعْلَمُ الَّذِي أَصَابَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ "
قَوْلُهُ: (أَنْتَ أَصَبْتَنِي) نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَى الْحَجَّاجِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا فِيهِ.
وَحَكَى الزُّبَيْرُ فِي الْأَنْسَابِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا كَتَبَ إلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ شَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ رَجُلًا مَعَهُ حَرْبَةً يُقَالُ إنَّهَا كَانَتْ مَسْمُومَةً، فَلَصِقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِهِ، فَأَمَرَّ الْحَرْبَةَ عَلَى قَدَمِهِ فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا ثُمَّ مَاتَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقَدْ سَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي الْفَتْحِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهَا، وَصُدُورُ مِثْلِهَا غَيْرُ بَعِيدٍ مِنْ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ الْأَفَاعِيلِ الَّتِي تَبْكِي لَهَا عُيُونُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلُهُ.
قَوْلُهُ: (حَمَلْت السِّلَاحَ) أَيْ