للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٠٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

١٣٠٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ يَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَهُوَ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ " إلَّا فَصْلَ الصَّوْمِ ") .

ــ

[نيل الأوطار]

أَصْحَابِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: إنَّهَا سُنَّةٌ، وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَحَكَاهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ بِحَدِيثِ: «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مَبْسُوطًا فَرَاجِعْهُ.

وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِأَنَّهَا شِعَارٌ كَالْغُسْلِ وَالدَّفْنِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِجَامِعِ التَّكْبِيرَاتِ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ إلَى مُلَازَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِمْرَارِ وَعَدَمِ إخْلَالِهِ بِهَا، الْأَمْرُ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا، بَلْ ثَبَتَ كَمَا تَقَدَّمَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخُرُوجِ لِلْعَوَاتِقِ وَالْحُيَّضِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَمَرَ مَنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ تُلْبِسَ مَنْ لَا جِلْبَابَ لَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْقُرْآنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] فَقَالُوا: الْمُرَادُ صَلَاةُ الْعِيدِ وَنَحْرُ الْأُضْحِيَّةِ.

وَمِنْ مُقَوَّيَاتِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ إسْقَاطُهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّوَافِلُ لَا تُسْقِطُ الْفَرَائِضَ فِي الْغَالِبِ. .

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: وَقْفُهُ عَلَيْهَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَالْحَدِيثُ الثَّانِي حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: إنَّمَا مَعْنَى هَذَا: أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعُظْمِ النَّاسِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: إنَّ الْخَطَأَ مَرْفُوعٌ عَنْ النَّاسِ فِيمَا كَانَ سَبِيلُهُ الِاجْتِهَادَ فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اجْتَهَدُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ إلَّا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَلَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى اسْتَوْفُوا الْعَدَدَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الشَّهْرَ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَإِنَّ صَوْمَهُمْ وَفِطْرَهُمْ مَاضٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ وِزْرٍ أَوْ عَيْبٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ إذَا أَخْطَئُوا يَوْمَ عَرَفَةَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إعَادَةٌ. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>