. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لَا يَقَعُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ فَرَضَ الشَّافِعِيُّ وُقُوعَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ مَعًا وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ قَوْلَهُ: (حَتَّى يَنْجَلِي) فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ يُشْرَعَانِ إلَى أَنْ يَنْجَلِي الْكُسُوفُ فَلَا يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الِانْجِلَاءُ وَقَدْ فَعَلَ بَعْضَ الصَّلَاة فَقِيلَ: يُتِمُّهَا. وَقِيلَ: يَقْتَصِرُ عَلَى مَا قَدْ فَعَلَ.
وَقِيلَ: يُتِمُّهَا عَلَى هَيْئَةِ النَّوَافِلِ وَإِذَا وَقَعَ الِانْجِلَاءُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ فَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ بِلَفْظِ: " وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ " إنَّهَا تُشْرَعُ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ مُلَازَمَةُ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ إلَى الِانْجِلَاءِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّ قَوْلَهُ " فَصَلُّوا وَادْعُوا " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ يَتَشَاغَلُ بِالدُّعَاءِ حَتَّى تَنْجَلِيَ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ: لِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَايَةَ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُمْتَدًّا إلَى غَايَةِ الِانْجِلَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَيَصِيرُ غَايَةً لِلْمَجْمُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ وَلَا تَكْرِيرُهَا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى انْجَلَتْ» فَقَالَ فِي الْفَتْحِ: إنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " رَكْعَتَيْنِ ": أَيْ رُكُوعَيْنِ، وَقَدْ وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِالرُّكُوعِ عَنْ الرَّكْعَةِ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ بِالْإِشَارَةِ فَلَا يَلْزَمُ التَّكْرَارُ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كُلَّمَا رَكَعَ رَكْعَةً أَرْسَلَ رَجُلًا يَنْظُرُ هَلْ انْجَلَتْ " فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ ثَبَتَ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ زَالَ الْإِشْكَالُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute