للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صِفَةِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَجَوَازُهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ

١٣٤٥ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، ثُمَّ خَطَبَنَا وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ قَلَبَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَا خُطْبَةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَاسْتَدَلَّا لِذَلِكَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي: " وَلَمْ يَخْطُبْ " وَابْنُ مَاجَهْ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَنَعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي الْعِيدِ» وَسَيَأْتِي؛ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَلَّاهَا وَقْتَ صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهَا، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ، لَكِنَّهَا مُخَالِفَةٌ بِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَنَقَلَ ابْنُ قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَأَفَادَ ابْن حِبَّانَ بِأَنَّ خُرُوجَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ: (عَنْ إبَّانِ زَمَانِهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مُشَدَّدَةٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: إبَّانَ الشَّيْءِ بِالْكَسْرِ: حِينُهُ أَوْ أَوَّلُهُ انْتَهَى قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ. . . إلَخْ) يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] قَوْلُهُ: (لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إلَى حِينٍ) أَيْ اجْعَلْهُ سَبَبًا لِقُوَّتِنَا وَمُدَّهُ لَنَا مَدًّا طَوِيلًا قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ. . . إلَخْ) .

فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَنَسٍ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلَّا الِاسْتِسْقَاءَ " قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ الْخَطِيبِ عِنْدَ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ الْقِبْلَةَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّفَاؤُلُ بِتَحَوُّلِهِ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمُوَاجَهَةُ لِلنَّاسِ إلَى الْحَالَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهُمْ لِيَتَحَوَّلَ عَنْهُمْ الْحَالُ الَّذِي هُمْ فِيهِ، وَهُوَ الْجَدْبُ بِحَالٍ آخَرَ وَهُوَ الْخِصْبُ قَوْلُهُ: (وَقَلَبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الْبَابِ الَّذِي عَقَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (إلَى الْكِنِّ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْكِنُّ: وِقَاءُ كُلِّ شَيْءٍ وَسِتْرُهُ، كَالْكِنَّةِ وَالْكِنَانِ بِكَسْرِهِمَا وَالْبَيْتُ، وَالْجَمْعُ أَكْنَانٌ وَأَكِنَّةٌ انْتَهَى قَوْلُهُ: (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) النَّوَاجِذُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ أَقْصَى الْأَضْرَاسِ: وَهِيَ أَرْبَعَةٌ، أَوْ هِيَ الْأَنْيَابُ، أَوْ الَّتِي تَلِي الْأَنْيَابَ، أَوْ هِيَ الْأَضْرَاسُ كُلُّهَا جَمْعُ نَاجِذٍ، وَالنَّجْذُ: شِدَّةُ الْعَضِّ بِهَا انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>