. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَهُوَ مُحْرِمٌ فَهَلَكَ، فَظَنَّ هَذَا الْمُتَأَخِّرُ أَنَّ لِوَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صُحْبَةً وَأَنَّهُ صَاحِبُ الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، فَإِنَّ وَاقِدًا الْمَذْكُورَ لَا صُحْبَةَ لَهُ، فَإِنَّ أُمَّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، وَفِي الصَّحَابَةِ أَيْضًا وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ آخَرُ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ
قَوْلُهُ: (فَوَقَصَتْهُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ بَعْدَهَا قَافٌ ثُمَّ صَادٌ مُهْمَلَةٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَأَقْصَعَتْهُ " وَفِي أُخْرَى لَهُ " أَقْصَعَتْهُ " وَفِي لَهُ أَيْضًا " أَوْقَصَتْهُ " وَالْوَقْصُ: الْكَسْرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْقَصْعُ: الْهَشْمُ، وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِكَسْرِ الْعَظْمِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَوْ سَلِمَ فَلَا مَانِعَ أَنْ يُسْتَعَارَ لِكَسْرِ الرَّقَبَةِ؛ وَالْقَعْصُ: الْقَتْلُ فِي الْحَالِ، وَمِنْهُ قُعَاصُ الْغَنَمِ: وَهُوَ مَوْتُهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ. قَوْلُهُ: (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) فِيهِ دَلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ) فِيهِ أَنَّهُ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا
وَقِيلَ: إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى تَكْفِينِهِ فِي ثَوْبَيْهِ لِكَوْنِهِ مَاتَ فِيهِمَا وَهُوَ مُتَلَبِّسُ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ الْفَاضِلَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُحَنِّطُوهُ) هُوَ مِنْ الْحَنُوطِ بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الطِّيبُ الَّذِي يُوضَعُ لِلْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ) أَيْ لَا تُغَطُّوهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ الْإِحْرَامِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَلَا تُحَنِّطُوهُ " وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَبْعَثُهُ مُلَبِّيًا» وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا» وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَقَالُوا: إنَّ قِصَّةَ هَذَا الرَّجُلِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَتَخْتَصُّ بِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ كَوْنُهُ فِي النُّسُكِ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّخْصِيصُ
وَمَا أَحْسَنَ مَا اعْتَذَرَ بِهِ الدَّاوُدِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُمِسُّوهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مَنْ أَمَسَّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَفِي الْحَدِيثِ إبَاحَةُ غُسْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ بِالسِّدْرِ خِلَافًا لَمَنْ كَرِهَهُ، وَأَنَّ الْوِتْرَ فِي الْكَفَنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَكْفِينِهِ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ فِي إحْرَامِهِ، وَأَنَّ إحْرَامَهُ بَاقٍ، وَأَنَّهُ لَا يُكَفَّنُ فِي الْمُحَنَّطِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ التَّكْفِينُ فِي الثِّيَابِ الْمَلْبُوسَةِ، وَأَنَّ الْإِحْرَامَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّأْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute