. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
إلَّا إذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ، وَتَرْجَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ فَقَالَ: بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بَلَدٍ آخَرَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا مُحْتَمَلٌ إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ أَحَدٌ انْتَهَى
وَمِمَّنْ اخْتَارَ هَذَا التَّفْصِيلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ حَفِيدُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُحَقِّقُ الْمُقْبِلِيُّ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ قَانِعٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ. وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ أَخَاكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ فَقُومُوا صَلُّوا عَلَيْهِ» وَمِنْ الْأَعْذَارِ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ كُشِفَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَآهُ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَرَاهُ الْمُؤْتَمُّونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ كَانَ كَذَلِكَ
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ وَلَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ. وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ كَافٍ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَانِعِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَ الْقَائِلِ بِذَلِكَ مَا ذَكَرُهُ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُشِفَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَرِيرِ النَّجَاشِيِّ حَتَّى رَآهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ» وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «فَقَامُوا وَصَفُّوا خَلْفَهُ وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ إلَّا أَنَّ جِنَازَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى «فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ وَنَحْنُ لَا نَرَى إلَّا أَنَّ الْجِنَازَةَ قُدَّامَنَا» وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّجَاشِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُت أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ غَائِبٍ غَيْرِهِ. وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ وَهُوَ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذْ ذَاكَ بِتَبُوكَ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الِاسْتِيعَابِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ مِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي حَقِّ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُقْرِنٍ، وَأَخْرَجَ مِثْلَهَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَسَانِيدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّهَا فِي الْأَحْكَامِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهَا حُجَّةً. وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مُتَعَقِّبًا لَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى غَيْرِ النَّجَاشِيِّ. قَالَ: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّ خَبَرَهُ قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى مَجْمُوعِ طُرُقِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: لَا نَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مُعَاوِيَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَكَذَلِكَ تَكَلَّمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ الْعَلَاءُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ مُجِيبًا عَلَى مَنْ قَالَ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّجَاشِيِّ: إنَّهُ لَوْ فَتْحَ بَابَ هَذَا الْخُصُوصِ لَانْسَدَّ كَثِيرٌ مِنْ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ لَتَوَفَّرَتْ الدَّوَاعِي إلَى نَقْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِمُحَمَّدٍ، قُلْنَا: وَمَا عَمِلَ بِهِ مُحَمَّدٌ تَعْمَلُ بِهِ أُمَّتُهُ، يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِ، قَالُوا: طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَأُحْضِرَتْ الْجِنَازَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قُلْنَا: إنَّ رَبّنَا عَلَيْهِ لَقَادِرٌ وَإِنَّ نَبِيَّنَا لَأَهْلٌ لِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute