للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ: " لَمْ أَقْرَأْ: أَيْ جَهْرًا إلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ " وَبِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ " سِرًّا فِي نَفْسِهِ " قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى) فِيهِ بَيَانُ مَحَلِّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَدْ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ إسْنَادَ حَدِيثِ جَابِرٍ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الصَّلَاةِ كَحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» وَنَحْوِهِ. وَرَوَى إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَفْرُغَ وَلَا يَقْرَأُ إلَّا مَرَّةً ثُمَّ يُسَلِّمَ» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى. قَالَ الْحَافِظُ: وَرِجَالُهُ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُسَلِّمَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السَّلَامِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْإِسْرَارِ بِهِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «ثَلَاثٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُنَّ تَرَكَهُنَّ النَّاسُ، إحْدَاهُنَّ التَّسْلِيمُ عَلَى الْجَنَائِزِ مِثْلُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ» وَلَهُ أَيْضًا نَحْوُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِي أَوْفَى. فَحَصَلَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ، وَتَكُونُ أَيْضًا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مَعَ الْفَاتِحَةِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ: وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَلَا يَقْرَأَ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ مَوْضِعِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُفْعَلُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ بَقِيَّةَ التَّكْبِيرَاتِ وَيَسْتَكْثِرَ مِنْ الدُّعَاءِ بَيْنَهُنَّ لِلْمَيِّتِ مُخْلِصًا لَهُ، وَلَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ مِنْ الِاسْتِحْسَانَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهَا إلَّا التَّخَيُّلَاتُ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ يُسَلِّمُ

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الرَّفْعِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ؛ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُ الرَّأْي: إنَّهُ لَا يَرْفَعُ عِنْدَ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ بَلْ عِنْدَ الْأُولَى فَقَطْ. وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الرَّفْعُ فِي الْجَمِيعِ، وَفِي الْأُولَى فَقَطْ، وَعَدَمُهُ فِي كُلِّهَا. وَقَالَتْ الْعِتْرَةُ بِمَنْعِهِ فِي كُلِّهَا

احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ الْحَافِظُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهُ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ: «إنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي جَمِيعِ تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ» . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ تَرْجَمَةُ مُوسَى بْنِ عِيسَى مَرْفُوعًا وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ إلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ، قَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>