. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، ثُمَّ رَوَى عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ النَّسَائِيّ: وَصْلُهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَهَا» وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ. قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ فَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيّ بَعْدَ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَوْصُولَ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ ثِقَةٌ حَافِظٌ، وَقَدْ أَتَى بِزِيَادَةٍ عَلَى مَنْ أَرْسَلَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ قَالَ لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: إنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَهُ بِهِ مِرَارًا عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي الْوَهْمَ؛ لِأَنَّهُ ضَبَطَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِيهِ إدْرَاجًا، وَقَدْ جَزَمَ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَزْمٍ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ، وَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ الْبُخَارِيَّ فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْأَفْضَلُ لِمُتَّبِعِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَمْشِيَ خَلْفَهَا أَوْ أَمَامَهَا؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةِ: إنَّ الْمَشْيَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضُلُ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ: إنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد قَالَ: «سَأَلْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَشْي خَلْفَ الْجِنَازَةِ، فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ» فَقَرَّرَ قَوْلَهُمْ: خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مَشَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى مَاتَ إلَّا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» وَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُرْسَلًا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ.
وَرُوِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: الْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الرَّاكِبُ يَمْشِي خَلْفَهَا وَالْمَاشِي أَمَامَهَا. وَيَدُلُّ لِمَا قَالَهُ: حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي أَمَامَهَا قَرِيبًا مِنْهَا عَنْ يَمِينِهَا أَوْ عَنْ يَسَارِهَا» أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. وَهَذَا مَذْهَبٌ قَوِيٌّ لَوْلَا مَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ الرُّكُوبِ لِمُتَّبِعِ الْجِنَازَةِ
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: إنَّهُ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ تَعْلِيقًا وَوَصَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَوَصَلَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute