للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ إذَا مَرَّتْ

١٤٥٦ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. وَلِأَحْمَدَ " كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَامَ حَتَّى تُجَاوِزَهُ. وَلَهُ أَيْضًا عَنْهُ: أَنَّهُ رُبَّمَا تَقَدَّمَ الْجِنَازَةَ فَقَعَدَ حَتَّى إذَا رَآهَا قَدْ أَشْرَفَتْ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ) .

١٤٥٧ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «مَرَّ بِنَا جِنَازَةٌ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا» .

ــ

[نيل الأوطار]

أَصْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَامِ تَعْظِيمُ أَمْرِ الْمَوْتِ وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَرْوَانَ كَانَا مَعَ جِنَازَةٍ فَقَعَدَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَأَقَامَهُ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَزَادَ أَنَّ مَرْوَانَ لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: قُمْ قَامَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: لِمَ أَقَمْتَنِي؟ فَذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: فَمَا مَنَعَك أَنْ تُخْبِرَنِي؟ فَقَالَ: كُنْتَ إمَامًا فَجَلَسْتُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُهَلَّبُ بِقُعُودِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَرْوَانَ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ.

قَالَ الْحَافِظُ: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. . . إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى نَسْخِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَامِ لِمَنْ تَبِعَ الْجِنَازَةَ حَتَّى تُوضَعَ لِقَوْلِهِ فِيهِ: " حَتَّى تُوضَعَ " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ قِيَامُ التَّابِعِ لِلْجِنَازَةِ لَا قِيَامُ مَنْ مَرَّتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ حَتَّى تُوضَعَ بَلْ حَتَّى تَخْلُفَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَكِنَّهُ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ بِلَفْظِ: " حَتَّى تَخْلُفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ " فَذِكْرُ الْوَضْعِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَكُونُ نَصًّا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قِيَامُ التَّابِعِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ التِّرْمِذِيُّ عَلَى نَسْخِ قِيَامِ مَنْ رَأَى الْجِنَازَةَ، فَقَالَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ لَهُ: وَهَذَا نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ " إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا " اهـ. وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هُوَ قِيَامُ التَّابِعِ لِلْجِنَازَةِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخًا مَعَ عَدَمِ مَا يُشْعِرُ بِالتَّأَسِّي بِهِ فِي هَذَا الْفِعْلِ بِخُصُوصِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِالْأُمَّةِ وَلَا يَنْسَخُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>