١٤٧٤ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلَفْظُهُ: نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ.
وَفِي لَفْظِ النَّسَائِيّ: نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الرَّجُلِ فَبِدْعَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قُلْت: لَا بَأْسَ بِهِ لِقَصْدِ التَّمَيُّزِ لِنَصْبِهِ عَلَى قَبْرِ ابْنِ مَظْعُونٍ.
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: " الْكِتَابَةَ " وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا مُسْلِمٌ فَهِيَ عَلَى شَرْطِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ غَرِيبَةٌ
وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ الْحَاكِمِ مَرْفُوعًا " لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ الْآذَانَ مَا لَمْ يُطَيَّنْ عَلَيْهِ " قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الطَّايْكَانِيِّ وَقَدْ رَمَوْهُ بِالْوَضْعِ قَوْلُهُ: (أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " عَنْ تَقْصِيصِ الْقُبُورِ " وَالتَّقْصِيصُ بِالْقَافِ وَصَادَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ هُوَ التَّجْصِيصُ. وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: هِيَ الْجَصُّ، وَفِيهِ تَحْرِيمُ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ
وَأَمَّا التَّطْيِينُ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رَخَّصَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَطْيِينِ الْقُبُورِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ قَبْرُهُ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا وَطُيِّنَ بِطِينٍ أَحْمَرَ مِنْ الْعَرْصَةِ.» وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ لِئَلَّا يَنْطَمِسَ. وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُكْرَهُ: قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: الْمُرَادُ بِالْقُعُودِ الْحَدَثُ
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُعُودِ الْجُلُوسُ، وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ الرِّوَايَةُ الْوَارِدَةُ بِلَفْظِ: (لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ) كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ. وَفَصَّلَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إنْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي مِلْكِ الْبَانِي فَمَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ فَحَرَامٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْت الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى، وَيَدُلُّ عَلَى الْهَدْمِ حَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا) فِيهِ تَحْرِيمُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْقُبُورِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كِتَابَةِ اسْمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَبْرِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ اسْتَثْنَتْ الْهَادَوِيَّةُ رَسْمَ الِاسْمِ فَجَوَّزُوهُ لَا عَلَى وَجْهِ الزَّخْرَفَةِ قِيَاسًا عَلَى وَضْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَرَ عَلَى قَبْرِ عُثْمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute