بَابُ آدَابِ الْجُلُوسِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْمَشْيِ فِيهَا
١٤٧٦ - (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يُلْحَدْ بَعْدُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
١٤٧٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ)
١٤٧٨ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ، أَوْ لَا تُؤْذِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
١٤٧٩ - (وَعَنْ بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَمْشِي فِي نَعْلَيْنِ
ــ
[نيل الأوطار]
فِيهَا مَوْتُ زَوْجَتِهِ لِحِرْصِهِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخَاطِرِ الشَّرِيفِ
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَرَضُ الْمَرْأَةِ طَالَ وَاحْتَاجَ عُثْمَانُ إلَى الْوِقَاعِ وَلَمْ يَكُنْ يَظُنُّ مَوْتَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ وَاقَعَ بَعْدَ مَوْتِهَا بَلْ وَلَا حِينَ احْتِضَارِهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُدْخِلَ الْمَرْأَةَ فِي قَبْرِهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ لِكَوْنِهِمْ أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ الَّذِينَ بَعُدَ عَهْدُهُمْ بِالْمَلَاذِ فِي الْمُوَارَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ الَّذِينَ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ. وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ تَقَدُّمَ مَنْ لَمْ يُقَارِفْ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يُذَكِّرَهُ الشَّيْطَانُ بِمَا كَانَ مِنْهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ السِّرَّ فِي إيثَارِ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ قَدْ جَامَعَ بَعْضَ جَوَارِيهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَتَلَطَّفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنْعِهِ مِنْ النُّزُولِ قَبْرَ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ تَصْرِيحٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمَذْكُورَةِ " فَلَمْ يَدْخُلْ عُثْمَانُ الْقَبْرَ " وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ الْجُلُوسِ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَجَوَازُ الْبُكَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِخَبَرِ «فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» يَعْنِي إذَا مَاتَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ.
وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بُكَاءَ النِّسَاءِ قَدْ يُفْضِي إلَى مَا لَا يَحِلُّ مِنْ النَّوْحِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute