للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٢٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةِ مِثْلُهُ وَزَادَ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ»

١٥٢٦ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلَى الْمَقَابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ)

ــ

[نيل الأوطار]

الْإِذْنِ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الْمَوْتِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ انْتَهَى

وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي الظَّاهِرِ

حَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: «قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْهُ يَخْرُجُ إلَى الْبَقِيعِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» قَوْلُهُ: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) دَارَ قَوْمٍ مَنْصُوبٌ عَلَى النِّدَاءِ: أَيْ يَا أَهْلَ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأُقِيمُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامُهُ، وَقِيلَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ

قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ: وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْكُمْ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ، قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَإِنَّ الدَّارَ فِي اللُّغَةِ تَقَعُ عَلَى الرَّبْعِ الْمَسْكُونِ وَعَلَى الْخَرَابِ غَيْرِ الْمَأْهُولِ قَوْلُهُ: (وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ) التَّقَيُّدُ بِالْمَشِيئَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ وَامْتِثَالِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] وَقِيلَ: الْمَشِيئَةُ عَائِدَةٌ إلَى الْكَوْنِ مَعَهُمْ فِي تِلْكَ التُّرْبَةِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْعَافِيَةِ

قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ: إنَّ السَّلَامَ عَلَى الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ سَوَاءٌ فِي تَقْدِيمِ السَّلَامِ عَلَى عَلَيْكُمْ بِخِلَافِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِمْ:

عَلَيْك سَلَامُ اللَّهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ ... وَرَحْمَتُهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتَرَحَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>