١٥٣٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى» ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، قَالَ عُمَرُ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْت أَنَّهُ الْحَقُّ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، لَكِنْ فِي لَفْظِ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد: لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ بَدَلَ الْعَنَاقِ)
ــ
[نيل الأوطار]
بِالْفَاذَّةِ: الْقَلِيلَةُ النَّظِيرِ، وَهِيَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَالْجَامِعَةُ: الْعَامَّةُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا نَصٌّ بِعَيْنِهَا، وَلَكِنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْعَامَّةُ قَدْ يَحْتَجُّ بِهَذَا مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ الْأُصُولُ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ
وَقَدْ زَادَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " وَلَا صَاحِبَ بَقَرٍ. . . إلَخْ " قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ وَقَدْ أُسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ لِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «عِنْدَ ذِكْرِ الْخَيْلِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا» وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يُجَاهِدُ بِهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ فِي رِقَابِهَا: الْإِحْسَانُ إلَيْهَا وَالْقِيَامُ بِعَلْفِهَا وَسَائِرِ مُؤَنِهَا، وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهَا إطْرَاقُ فَحْلِهَا إذَا طُلِبَتْ عَارِيَّتُهُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ حَقُّ اللَّهِ مِمَّا يَكْسِبُهُ مِنْ مَالِ الْعَدُوِّ عَلَى ظُهُورِهَا وَهُوَ خُمْسُ الْغَنِيمَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأَطْرَافِ الَّتِي دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَيْهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ تَارِكَ الزَّكَاةِ لَا يُقْطَعُ لَهُ بِالنَّارِ وَآخِرُهُ دَلِيلٌ فِي إثْبَاتِ الْعُمُومِ انْتَهَى
قَوْلُهُ: (وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ) قَالَ الْخَطَّابِيِّ: أَهْلُ الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَيْنِ: صِنْفٌ ارْتَدُّوا عَنْ الدِّينِ وَنَبَذُوا الْمِلَّةَ وَعَدَلُوا إلَى الْكُفْرِ وَهُمْ الَّذِينَ عَنَاهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ طَائِفَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَصْحَابُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ صَدَّقُوهُ عَلَى دَعْوَاهُ فِي النُّبُوَّةِ، وَأَصْحَابُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ وَمَنْ اسْتَجَابَهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ بِأَسْرِهَا مُنْكِرَةٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّعِيَةٌ النُّبُوَّةَ لِغَيْرِهِ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُتِلَ مُسَيْلِمَةُ بِالْيَمَامَةِ وَالْعَنْسِيُّ بِصَنْعَاءَ وَانْفَضَّتْ جُمُوعُهُمْ وَهَلَكَ أَكْثَرُهُمْ. وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ارْتَدُّوا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute