بَابُ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي
١٥٣٤ - (عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُمْ: إنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَرَسُولُهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطِهِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ،
ــ
[نيل الأوطار]
وَيُجَابُ عَنْ الْقَدْحِ بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْمَقَالِ بِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقْدَحُ بِمِثْلِهِ
وَعَنْ كَلَامِ الْحَرْبِيِّ وَمَا بَعْدَهُ بِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ خَيْرِ الشَّطْرَيْنِ صَادِقٌ عَلَيْهِ اسْمُ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ وَأَمَّا حَدِيثُ هَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِحْرَاقِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ وَتَقْرِيرَاتٌ وَالْهَمُّ لَيْسَ مِنْ الثَّلَاثَةِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَهُمُّ إلَّا بِالْجَائِزِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فِيمَا فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ أُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَبِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفِدْيَةِ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ يَصِيدُ صَيْدَ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا عَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْعَ الْفِدْيَةِ هُنَا بِأَنَّهَا سَلْبُ الْعَاضِدِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى السَّبَبِ لِقُصُورِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ هَتْكُ الْحُرْمَةِ عَنْ التَّعْدِيَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ تَغْرِيمِ كَاتِمِ الضَّالَّةِ وَالْمُخْرِجِ غَيْرَ مَا يَأْكُلُ مِنْ الثَّمَرِ، وَقَضِيَّةُ الْمَدَدِيِّ فَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ فَلَا يُجَاوِزُ بِهَا إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا وَسَائِرَ أَحَادِيثِ الْبَابِ مِمَّا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِوُرُودِ الْأَدِلَّةِ كِتَابًا وَسُنَّةً بِتَحْرِيمِ مَالِ الْغَيْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [النساء: ٢٩] ، {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: ١٨٨] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «إنَّمَا دِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ» الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ» وَأَمَّا تَحْرِيقُ عَلِيٍّ طَعَامَ الْمُحْتَكِرِ وَدُورِ الْقَوْمِ وَهَدْمُهُ دَارَ جَرِيرٍ فَبَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ إلَيْهِ، وَانْتِهَاضِ فِعْلِهِ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ ذَرَائِعِ الْفَسَادِ كَهَدْمِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ وَتَكْسِيرِ الْمَزَامِيرِ وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيُجَابُ عَنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِأَنَّهُ أَيْضًا قَوْلُ صَحَابِيٍّ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ وَلَا يَقْوَى عَلَى تَخْصِيصِ عُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: (عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا) قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: عَزْمَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ عَزْمَةٌ وَضَبَطَهُ صَاحِبُ إرْشَادِ الْفِقْهِ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ جَازَ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ وَمَعْنَى الْعَزْمَةِ فِي اللُّغَةِ: الْجِدُّ فِي الْأَمْرِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَخْذَ ذَلِكَ وَاجِبٌ مَفْرُوضٌ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْعَزَائِمُ: الْفَرَائِضُ كَمَا فِي كُتِبَ اللُّغَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute