. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الصَّبَّاغِ: حَتَّى تَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ فِيمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ: يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِقَطْعِ شَيْءٍ مِمَّا فَوْقَ الْحَشَفَةِ وَإِنْ قَلَّ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْقَطْعُ تَدْوِيرَ رَأْسِهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْ خِتَانِ الْمَرْأَةِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: خِتَانُهَا قَطْعُ جِلْدَةٍ تَكُونُ فِي أَعْلَى فَرْجِهَا فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، كَالنَّوَاةِ أَوْ كَعُرْفِ الدِّيكِ، وَالْوَاجِبُ قَطْعُ الْجِلْدَةِ الْمُسْتَعْلِيَةِ مِنْهُ دُونَ اسْتِئْصَالِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسَمَّى خِتَانُ الرَّجُلِ: إعْذَارٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ: خَفْضًا بِخَاءٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَسْمِيَةَ الْكُلِّ إعْذَارًا، وَالْخَفْضُ يُخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: عَذَرَتْ الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ وَأَعْذَرْتهمَا خَتَنْتهمَا وَاخْتَتَنْتهمَا وَزْنًا وَمَعْنًى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْأَكْثَرُ خَفْضُ الْجَارِيَةِ، قَالَ: وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا وُلِدَ فِي الْقَمَرِ اتَّسَعَتْ قُلْفَتُهُ فَصَارَ كَالْمَخْتُونِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا أَنْ يَمُرَّ بِالْمُوسَى عَلَى مَوْضِعِ الْخِتَانِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَغَالِبُ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ خِتَانُهُ تَامًّا بَلْ يَظْهَرُ طَرَفُ الْحَشَفَةِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ تَكْمِيلُهُ
قَوْلُهُ: (بِالْقَدُومِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الدَّالِ وَتَخْفِيفِهَا: آلَةُ النِّجَارَةِ، وَقِيلَ اسْمُ الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَتَنَ فِيهِ إبْرَاهِيمُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ يُقَالُ: بَلْ قَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ فَضْلِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ ذِكْرِ السِّنِينَ.
وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْخِتَانِ لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالِ الصِّغَرِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي، وَلَهُمْ أَيْضًا وَجْهٌ أَنَّهُ يُحْرِمُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَتَنَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا» أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَخْتَتِنَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ، وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعِ أَوْ يَكُونُ سَبْعَةً سِوَاهُ، فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا يُحْسَبُ انْتَهَى.
وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْخِتَانِ فَرَوَى الْإِمَامُ يَحْيَى عَنْ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُرْتَضَى، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِيهِمَا. وَقَالَ النَّاصِرُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى إنَّهُ وَاجِبٌ فِي الرِّجَالِ لَا النِّسَاءِ. احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ عُثَيْمٍ بِلَفْظِ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» وَهُوَ لَا يَنْتَهِضُ لِلْحُجِّيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ الَّذِي سَنُبَيِّنُهُ هُنَالِكَ.
وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَسْلَمَ فَلْيَخْتَتِنْ) وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ، وَتُعُقِّبَ بِقَوْلِ ابْنِ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي الْخِتَانِ خَبَرٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَلَا سُنَّةٌ تُتَّبَعُ. وَبِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ - وَكَانَتْ خَافِضَةً - بِلَفْظِ: «أَشْهِي وَلَا تُنْهِكِي»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute