للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

١٥٤٦ - (عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ عَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد

ــ

[نيل الأوطار]

خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا «قَدْ عَفَوْت عَنْ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ» وَسَيَأْتِي

وَاسْتُدِلَّ عَلَى الْوُجُوبِ بِمَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْخَيْلِ: ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي كُلِّ فَرَسٍ سَائِمَةٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ» وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، فَلَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ حَدِيثِ الْبَابِ الصَّحِيحِ، وَتَمَسَّكَ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ عَامِلَهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْخَيْلِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَفْعَالَ الصَّحَابَةِ وَأَقْوَالَهُمْ لَا حُجَّةَ فِيهَا لَا سِيَّمَا بَعْدَ إقْرَارِ عُمَرَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ لَمْ يَأْخُذَا الصَّدَقَةَ مِنْ الْخَيْلِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَقَدْ احْتَجَّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ الظَّاهِرِيَّةُ فَقَالُوا: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ لَا لِتِجَارَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا وَأُجِيبَ عَنْهُمْ بِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ فَيَخُصُّ بِهِ عُمُومَ هَذَا الْحَدِيثِ

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَهَا فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الظَّاهِرِيَّةِ فِي وُجُوبِهَا فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ مِمَّا يَبْطُلُ الِاحْتِجَاجُ عَلَيْهِمْ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِهَا فِيهِمَا بِالظَّاهِرِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُهُ قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَكُنْ جِزْيَةً. . . إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ عَلِيًّا لَا يَقُولُ بِجَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَسُنَ الْأَخْذُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ لِكَوْنِهِمْ قَدْ طَلَبُوا مِنْ عُمَرَ ذَلِكَ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ شَرَحْنَاهُ هُنَالِكَ، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحُمُرِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ زَكَاتِهَا فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ، وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ، وَالْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ دَلِيلٍ، وَلَا أَعْرِفُ قَائِلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَمِيرِ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ وَاسْتِغْلَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>