١٣٢ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)
١٣٣ - (وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْت، قَالَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ احْلِقْ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي آخَرُ مَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِآخَرَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
اُبْتُلِيَ بِهِنَّ إبْرَاهِيمُ فَأَتَمَّهُنَّ هُنَّ خِصَالُ الْفِطْرَةِ وَمِنْهُنَّ الْخِتَانُ. وَالِابْتِلَاءُ غَالِبًا إنَّمَا يَقَعُ بِمَا يَكُونُ وَاجِبًا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ إلَّا إنْ كَانَ إبْرَاهِيمُ فَعَلَهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ فِعْلَهُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَيَحْصُلُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِ عَلَى وَفْقِ مَا فَعَلَ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَفْعَالَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ. وَأَيْضًا فَبَاقِي الْكَلِمَاتِ الْعَشْرِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ إبْرَاهِيمَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ سِنِّهِ إلَّا عَنْ أَمْرٍ مِنْ اللَّهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِفِعْلِ إبْرَاهِيمَ عَلَى الْوُجُوبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَاجِبًا، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ اسْتَقَامَ الِاسْتِدْلَال.
١٣٢ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . قَوْلُهُ: (حَتَّى يُدْرِكَ) وَالْإِدْرَاكُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ بُلُوغُ الشَّيْءِ وَقْتَهُ وَأَرَادَ بِهِ هَهُنَا الْبُلُوغَ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْخِتَانَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سِنِّ الْبُلُوغِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي عُمْرِهِ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَابِ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ بِمُرُورِهِ مِنْ أَبْوَابِ السُّتْرَةِ.
١٣٣ - (وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْت، قَالَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ احْلِقْ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي آخَرُ مَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِآخَرَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ انْقِطَاعٌ وَعُثَيْمٌ وَأَبُوهُ مَجْهُولَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ عَبْدَانُ: هُوَ عُثَيْمُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ كُلَيْبٍ، وَالصَّحَابِيُّ هُوَ كُلَيْبٌ، وَإِنَّمَا نَسَبُ عُثَيْمٍ فِي الْإِسْنَادِ إلَى جَدِّهِ، وَقَدْ وَقَعَ مُبَيَّنًا فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ، أَخَرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الَّذِي أَخْبَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ بِهِ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَعُثَيْمٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ
، وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْخِتَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute