١٦٢٢ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
لَهُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ، قَوْلُهُ: (مِنْ سُلْتٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ: نَوْعٌ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُوَ كَالْحِنْطَةِ فِي مَلَاسَتِهِ وَكَالشَّعِيرِ فِي بُرُودَتِهِ وَطَبْعِهِ. وَالرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الْفِطْرَةِ صَاعٌ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إلَّا فِي الْبُرِّ وَالزَّبِيبِ. وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّ الْبُرَّ وَالزَّبِيبَ كَذَلِكَ يَجِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ. وَقَالَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَزَادَ فِي الْبَحْرِ أَبَا بَكْرٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى أَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْهُمَا
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ صَدَقَةَ الْفَطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَالْبُرُّ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّعَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ غَالِبُهُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْبُرِّ إنَّمَا هُوَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ فَلَا يُجْزِئُ دُونَ الصَّاعِ مِنْهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبُرَّ عَلَى تَسْلِيمِ دُخُولِهِ تَحْتَ لَفْظِ الطَّعَامِ مُخَصَّصٌ بِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ» وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا أَيْضًا. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةِ بْنِ مَالِكٍ وَفِي إسْنَادِهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا بِلَفْظِ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَوْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صعير بِلَفْظِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَدَقَةُ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ» وَأَخْرَجَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا بِلَفْظِ: " نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ " وَهَذِهِ تَنْتَهِضُ بِمَجْمُوعِهَا لِلتَّخْصِيصِ. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْحِنْطَةِ قَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اطِّلَاعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ.
١٦٢٢ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)
قَوْلُهُ: (قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: يُقَدِّمُ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥] ، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ» وَحَمَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute