للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرْكُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَعَلَى هَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِهِ مَذْكُورًا مُطْلَقًا وَلَمْ نَعْلَمْ صِحَّتَهُ عَرَفْنَا أَنَّهُ مِنْ الْحَسَنِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّ مَا سَكَتَ عَنْهُ يَحْتَمِلُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد الصِّحَّةَ وَالْحُسْنَ انْتَهَى. وَقَدْ اعْتَنَى الْمُنْذِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَقْدِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَبَيَّنَ ضَعْفَ كَثِيرٍ مِمَّا سَكَتَ عَنْهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ خَارِجًا عَمَّا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَمَا سَكَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ قَدْ نَبَّهْت عَلَى بَعْضِهَا فِي هَذَا الشَّرْحِ.

وَكَذَا قِيلَ: إنَّ مَا سَكَتَ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ أَحَادِيثِ مُسْنَدِهِ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَتِهِ.

وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ الَّتِي لَمْ يَلْتَزِمْ مُصَنِّفُوهَا الصِّحَّةَ فَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِصِحَّتِهِ أَوْ حُسْنِهِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ. وَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ كَذَلِكَ بِضَعْفِهِ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ، وَمَا أَطْلَقُوهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ وَلَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ إنْ كَانَ الْبَاحِثُ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَقَدْ بَحَثْنَا عَنْ الْأَحَادِيثِ الْخَارِجَةِ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا بِمَا أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْحُفَّاظِ وَمَا بَلَغَتْ إلَيْهِ الْقُدْرَةُ.

وَمَنْ عَرَفَ طُولَ ذَيْلِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي تَصَدَّيْنَا لِشَرْحِهِ وَكَثْرَةَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِهِ عَلَى الْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ مُتَعَسِّرٌ، لَا سِيَّمَا مَا كَانَ مِنْهَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ فَنِّ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ أَحْسَنِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي الْفَنِّ لَوْلَا عَدَمُ تَعَرُّضِ مُؤَلِّفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْكَلَامِ عَلَى التَّصْحِيحِ وَالتَّحْسِينِ وَالتَّضْعِيفِ فِي الْغَالِبِ.

قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ مَا لَفْظُهُ: وَأَحْكَامُ الْحَافِظِ مَجْدِ الدِّينِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تَيْمِيَّةَ الْمُسَمَّى بِالْمُنْتَقَى هُوَ كَاسْمِهِ، وَمَا أَحْسَنَهُ لَوْلَا إطْلَاقُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْعَزْوَ إلَى الْأَئِمَّةِ دُونَ التَّحْسِينِ وَالتَّضْعِيفِ فَيَقُولُ مَثَلًا: رَوَاهُ أَحْمَدُ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيَكُونُ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا. وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْحَدِيثِ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مُبَيَّنًا ضَعْفُهُ فَيَعْزُوهُ إلَيْهِ مِنْ دُونِ بَيَانِ ضَعْفِهِ، وَيَنْبَغِي لِلْحَافِظِ جَمْعُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَكَتْبُهَا عَلَى حَوَاشِي هَذَا الْكِتَابِ، أَوْ جَمْعُهَا فِي مُصَنَّفٍ يَسْتَكْمِلُ فَائِدَةَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى. وَقَدْ أَعَانَنِي اللَّهُ - وَلَهُ الْحَمْدُ - عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ هَذَا الْحَافِظُ مَعَ زِيَادَاتٍ إلَيْهَا تُشَدُّ رِحَالِ الطُّلَّابِ، وَتَنْقِيحَاتٍ تَنْقَطِعُ بِتَحْقِيقِهَا عَلَائِقُ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ. وَالْمَسْئُولُ مِنْ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ الْإِعَانَةُ عَلَى التَّمَامِ. وَتَبْلِيغُنَا بِمَا لَاقَيْنَاهُ فِي تَحْرِيرِهِ وَتَقْرِيرِهِ إلَى دَارِ السَّلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>