للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صِيَامِ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ وَكَرَاهَةُ صَوْمِ الدَّهْرِ

١٧٣٩ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُلْتُ: إنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ: صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ، وَهُوَ صَوْمُ أَخِي دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» ) .

١٧٤٠ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا) .

١٧٤١ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ صَامَ الدَّهْرَ؟ قَالَ: لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

«كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُبَالِي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ صَامَ» كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، قَالَ: فَكُلُّ مَنْ رَآهُ فَعَلَ نَوْعًا ذَكَرَهُ، وَعَائِشَةُ رَأَتْ جَمِيعَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَتْ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ أَيَّامُ الْبِيضِ كَانَ أَحَبَّ.

وَفِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ ابْنُ عُمَرَ: " أَوَّلُ اثْنَيْنِ فِي الشَّهْرِ وَخَمِيسَانِ بَعْدَهُ " وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعْيِينُ الثَّلَاثِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ اسْتِحْبَابَ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ غَيْرُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ انْتَهَى.

وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ هَهُنَا مُتَعَذِّرٌ. وَكَذَلِكَ اسْتِحْبَابُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرٍ، وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ مِنْ شَهْرٍ غَيْرُ اسْتِحْبَابِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. وَقَدْ حَكَى الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي تَعْيِينِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الْمُطْلَقَةِ عَشَرَةَ أَقْوَالٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهَا تَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهَا فَيَكُونُ الصَّائِمُ مُخَيَّرًا، وَفِي أَيِّ وَقْتٍ صَامَهَا فَقَدْ فَعَلَ الْمَشْرُوعَ لَكِنْ لَا يَفْعَلُهَا فِي أَيَّامِ الْبِيضِ. فَالْحَاصِلُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ اسْتِحْبَابُ صِيَامِ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: ثَلَاثَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَأَيَّامُ الْبِيضِ، وَالسَّبْتُ وَالْأَحَدُ وَالِاثْنَيْنِ فِي شَهْرٍ، وَالثُّلَاثَاءُ وَالْأَرْبِعَاءُ وَالْخَمِيسُ فِي شَهْرٍ قَوْلُهُ: (فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا، فَيَعْدِلُ صِيَامَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الشَّهْرِ كُلِّهِ، فَيَكُونُ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>