. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ " وَقَالَ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ هَذَا يَعْنِي مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَعْمَرٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلًا، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عُرْوَةَ وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ قُلْتُ لَهُ: أَحَدَّثَكَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أُنَاسٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا خَطَأٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ: سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْهُ أَهُوَ عَنْ عُرْوَةَ؟ فَقَالَ: لَا.
وَقَالَ الْخَلَّالُ: اتَّفَقَ الثِّقَاتُ عَلَى إرْسَالِهِ، وَتَوَارَدَ الْحُفَّاظُ عَلَى الْحُكْمِ بِضَعْفِهِ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِجَهَالَةِ زُمَيْلٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَدَّمَتْ لَهُ حَيْسًا، فَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ مِنْهُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ وُجُوبِ النِّيَّةِ وَزَادَ النَّسَائِيّ: " فَأَكَلَ وَقَالَ: أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ " قَالَ وَالنَّسَائِيُّ: هِيَ خَطَأٌ: يَعْنِي الزِّيَادَةَ، وَنَسَبَ الدَّارَقُطْنِيّ الْوَهْمَ فِيهَا إلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْبَاهِلِيِّ، وَلَكِنْ رَوَاهَا النَّسَائِيّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ وَكَذَا الشَّافِعِيُّ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ قَالَ الْحَافِظُ: حَسَنٌ قَالَ: «صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا، فَلَمَّا وُضِعَ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعَاكَ أَخُوكَ وَتَكَلَّفَ لَكَ، أَفْطِرْ فَصُمْ مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ» وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا أَنْ يُفْطِرَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي دَعْوَةٍ إلَى طَعَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَطَوِّعِ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ رَأَوْا عَلَيْهِ الْقَضَاءَ إذَا أَفْطَرَ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ، وَبِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْبَابِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ مِنْ التَّخْيِيرِ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ بِحَمْلِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّدْبِ. وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِفْطَارِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ. وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَيْسَ فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَّا الْأَدِلَّةَ الْعَامَّةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] إلَّا أَنَّ الْخَاصَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ كَحَدِيثِ سَلْمَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِنْ احْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:. {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَهُوَ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالرِّيَاءِ بَلْ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِارْتِكَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute