١٧٦٧ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ قَالَ - فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ) .
١٧٦٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّشْتَ تَحْتَهَا مِنْ الدَّمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ: «اعْتَكَفَ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّشْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد) . .
ــ
[نيل الأوطار]
بِغَيْرِ صَوْمٍ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ بِوَقْتِ صَوْمٍ، وَقَدْ أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَوْجَبَهَا. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " يَوْمًا " بَدَلُ لَيْلَةً وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَمَنْ أَطْلَقَ لَيْلَةً أَرَادَ بِيَوْمِهَا، وَمَنْ أَطْلَقَ يَوْمًا أَرَادَ بِلَيْلَتِهِ. وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ
فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: اعْتَكِفْ وَصُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلُ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى يَوْمًا شَاذَّةٌ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ " فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى نَذْرِهِ شَيْئًا، وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا صَوْمَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ حَدٌّ مُعَيَّنٌ قَوْلُهُ: (لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ) اسْتَدَلَّ بِهِ. الْقَائِلُونَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي الِاعْتِكَافِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] قَالَ: فَذَكَرَ الِاعْتِكَافَ عَقِبِ الصَّوْمِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَلَازُمِهِمَا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا صَوْمَ إلَّا بِالِاعْتِكَافِ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ.
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ مِنْ الْكَافِرِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
١٧٦٧ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ قَالَ - فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ) .
١٧٦٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّشْتَ تَحْتَهَا مِنْ الدَّمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ: «اعْتَكَفَ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّشْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد) .
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ الَّتِي فِيهِ بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَفْظُهُ: " إنَّ حُذَيْفَةَ جَاءَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: أَلَا أَعْجَبَكَ مِنْ قَوْمٍ عُكُوفٌ بَيْنَ دَارِك وَدَارِ الْأَشْعَرِيِّ، يَعْنِي الْمَسْجِدَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَعَلَّهُمْ أَصَابُوا وَأَخْطَأْتُ " فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ يُخَالِفُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا خَالَفَهُ،