للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٧٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) . .

١٧٧١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ.: قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَا فِيهِ: أَرَأَيْتَ إنْ وَافَقْت لَيْلَةَ الْقَدْرِ) . .

ــ

[نيل الأوطار]

مُدَاوَمَةِ الْقِيَامِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَإِحْيَائِهَا بِالْعِبَادَةِ وَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَأَمْرِ الْأَهْلِ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ الطَّاعَةِ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) أَيْ لِلصَّلَاةِ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «لَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيلُ الْقِيَامَ إلَّا أَقَامَهُ» قَوْلُهُ: (وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) أَيْ اعْتَزَلَ النِّسَاءَ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِدُّ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا يُقَالُ: شَدَدْت لِهَذَا الْأَمْرِ مِئْزَرِي: أَيْ شَمَّرْتُ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّشْمِيرُ وَالِاعْتِزَالُ مَعًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ، وَالْمَجَازُ كَمَنْ يَقُولَ: طَوِيلُ النِّجَادِ لِطَوِيلِ الْقَامَةِ، وَهُوَ طَوِيلُ النِّجَادِ حَقِيقَةً، يَعْنِي شَدَّ مِئْزَرَهُ حَقِيقَةً وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ وَشَمَّرَ لِلْعِبَادَةِ، يَعْنِي فَيَكُونُ كِنَايَةً وَهُوَ يَجُوزُ فِيهَا إرَادَةُ اللَّازِمِ وَالْمَلْزُومِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: " شَدَّ مِئْزَرَهُ وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ " فَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ.

١٧٧٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) . .

١٧٧١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ.: قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَا فِيهِ: أَرَأَيْتَ إنْ وَافَقْت لَيْلَةَ الْقَدْرِ) . الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ قَدْ تَقَدَّمَ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هَهُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إمْكَانِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَبَقَائِهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْقَدْرِ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ اللَّيْلَةُ فَقِيلَ هُوَ التَّعْظِيمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: ٩١] وَالْمَعْنَى أَنَّهَا ذَاتُ قَدْرٍ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا، أَوْ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ مَا يَنْزِلُ فِيهَا مِنْ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، أَوْ أَنَّ الَّذِي يُحْيِيهَا يَصِيرُ ذَا قَدْرٍ. وَقِيلَ الْقَدْرُ هُنَا: التَّضْيِيقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] وَمَعْنَى التَّضْيِيقِ فِيهَا إخْفَاؤُهَا عَنْ الْعِلْمِ بِتَعْيِينِهَا

وَقِيلَ: الْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ: الَّذِي هُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَامُ تِلْكَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] وَبِهِ صَدَّرَ النَّوَوِيُّ كَلَامَهُ فَقَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: سُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِمَا يَكْتُبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>