الْأَوَاخِرِ فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» .) .
١٧٨٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: «فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» ) .
ــ
[نيل الأوطار]
١٧٨٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: «فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» ) . قَوْلُهُ: (أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ) أُرُوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ قِيلَ لَهُمْ فِي الْمَنَامِ: إنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَاخِرُ الشَّهْرِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ السَّبْعُ الَّتِي أَوَّلُهَا لَيْلَةُ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ وَآخِرُهَا لَيْلَةُ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَدْخُلُ لَهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَا ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الثَّانِي تَدْخُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَلَا تَدْخُلُ لَيْلَةُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ
وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ مِنْ صَحِيحِهِ «أَنَّ نَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّ نَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فَأَمَرَ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي مِنْهَا فِي الْوِتْرِ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيَّ مَرْفُوعًا «إنَّ غَلَبْتُمْ فَلَا تَغْلِبُوا فِي التِّسْعِ الْبَوَاقِي» قَوْلُهُ: (أَرَى) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (رُؤْيَاكُمْ) قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا جَاءَ بِإِفْرَادِ الرُّؤْيَا وَالْمُرَادُ مُرَائِيكُمْ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رُؤْيَا وَاحِدَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجِنْسَ
قَالَ ابْنُ التِّينِ: كَذَا رُوِيَ بِتَوْحِيدِ الرُّؤْيَا وَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ قَوْلُهُ: (تَوَاطَأَتْ) بِالْهَمْزَةِ: أَيْ تَوَافَقَتْ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَالصَّوَابُ بِالْهَمْزِ وَأَصْلُهُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ بِرِجْلِهِ مَكَانَ وَطْءِ صَاحِبِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى عِظَمِ قَدْرِ الرُّؤْيَا وَجَوَازِ الِاسْتِنَادِ إلَيْهَا فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْقَوَاعِدَ الشَّرْعِيَّةَ، هَكَذَا فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " الْتَمِسُوا " وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَوْتَارِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ. فَائِدَةٌ: قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي إخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِلْعُيُونِ مَا لَا يَظْهَرُ فِي سَائِرِ السَّنَةِ، إذْ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يَخْفَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَامَ لَيَالِيَ السَّنَةِ فَضْلًا عَنْ لَيَالِي رَمَضَانَ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالتَّكْذِيبِ لِذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ فَيَخْتَصُّ بِهَا قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْصُرْ الْعَلَامَةَ وَلَمْ يَنْفِ الْكَرَامَةَ
قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَقَدُ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَا يَنَالُهَا إلَّا مَنْ رَأَى الْخَوَارِقَ، بَلْ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَاسِعٌ، وَرُبَّ قَائِمٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إلَّا عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ خَارِقٍ، وَآخَرُ رَأَى الْخَوَارِقَ مِنْ غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute