للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

يَعْلَى وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ «مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ فَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إنْ شَاءَ يَهُودِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا» وَلَفْظُ أَحْمَدَ " مَنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ " ثُمَّ ذَكَرَهُ كَمَا سَلَفَ، وَفِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَشَرِيكٌ وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَقَدْ خَالَفَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَأَرْسَلَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مُرْسَلًا، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ " مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَالْحَارِثُ يُضَعَّفُ، وَهِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَجْهُولٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا وَلَمْ يُرْوَ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا.

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: طَرِيقُ أَبِي أُمَامَةَ عَلَى مَا فِيهَا أَصْلَحُ مِنْ هَذِهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ ثَالِثَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ بِلَفْظِ «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ وَجَعٍ حَابِسٍ أَوْ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، فَلْيَمُتْ أَيَّ الْمِيتَتَيْنِ شَاءَ إمَّا يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» هَذِهِ الطُّرُقُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ مُجَازَفَةُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي عَدِّهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْمَوْضُوعَاتِ، فَإِنَّ مَجْمُوعَ تِلْكَ الطُّرُقِ لَا يُقَصِّرُ عَنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ حَسَنًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَجٌّ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْعُقَيْلِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ شَيْءٌ لِأَنَّ نَفْيَ الصِّحَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْحُسْنِ، وَقَدْ شَدَّ مِنْ عَضُدِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْقُوفِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَإِذَا انْضَمَّ هَذَا الْمَوْقُوفُ إلَى مُرْسَلِ ابْنِ سَابِطٍ عُلِمَ أَنَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا، وَمَحْمَلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّ التَّرْكَ، وَيَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ خَطَأُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ انْتَهَى

وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ.

وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ظَاهِرَةٌ وَوَجْهُهَا مِنْ حَدِيثِ " مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ " قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) وَلَوْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ الْقَابِلَ، وَوَجْهُهَا - مِنْ أَثَرِ عَمْرٍو مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا - ظَاهِرٌ، وَإِلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالنَّاصِرُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ

وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْقَاسِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو طَالِبٍ: إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ سَنَةَ عَشْرٍ وَفَرْضُ الْحَجِّ كَانَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ خَمْسٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فُرِضَ فِيهِ الْحَجُّ. وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ فُرِضَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ فَلَا تَأْخِيرَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ فُرِضَ قَبْلَ الْعَاشِرِ فَتَرَاخِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ لَكَرَاهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>