للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ قَطُّ " وَقَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّ عُمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ، فَلَوْ كَانَ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ لَكَانَتْ خَمْسًا، وَلَوْ كَانَ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ لَكَانَتْ سِتًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ: بَعْضُهُنَّ فِي رَجَبٍ وَبَعْضُهُنَّ فِي رَمَضَانَ وَبَعْضُهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهَذَا لَمْ يَقَعْ، وَإِنَّمَا الْوَاقِعُ اعْتِمَارُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ كَمَا قَالَ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ، قَوْلُهُ: (مِنْ الْجِعْرَانَةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْجِعْرَانَةُ وَقَدْ تُكْسَرُ الْعَيْنُ وَتُشَدَّدُ الرَّاءُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّشْدِيدُ خَطَأٌ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ سَمِيُّ بُرَيْطَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَكَانَتْ تُلَقَّبُ بِالْجِعْرَانَةِ انْتَهَى قَوْلُهُ: (الْمُحَصَّبَ) هُوَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ: الشِّعْبُ الَّذِي مَخْرَجُهُ إلَى الْأَبْطُحِ وَمَوْضِعُ رَمْيِ الْجِمَارِ بِمِنَى قَوْلُهُ: (اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَمِ) لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ وَيُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ» وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ يَتَعَيَّنُ التَّنْعِيمُ لِمَنْ اعْتَمَرَ مِنْ مَكَّةَ؟ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا مِيقَاتَ لِلْعُمْرَةِ لِمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ إلَّا التَّنْعِيمَ، وَلَا يَنْبَغِي مُجَاوَزَتُهُ كَمَا لَا يَنْبَغِي مُجَاوَزَةُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي لِلْحَجِّ، وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا: مِيقَاتُ الْعُمْرَةِ الْحِلُّ، وَإِنَّمَا أَمَرَ عَائِشَةَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ التَّنْعِيمِ لِأَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " فَكَانَتْ أَدْنَانَا مِنْ الْحَرَمِ التَّنْعِيمُ فَاعْتَمَرَتْ مِنْهُ " قَالَ: فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّنْعِيمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ

وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ: وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَلَا اعْتَمَرَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ إلَّا دَاخِلًا إلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَعْتَمِرْ قَطُّ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ كَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَلَا ثَبَتَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِعْلُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ إلَّا عَائِشَةَ وَحْدَهَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَبَعْدَ أَنْ فَعَلَتْهُ عَائِشَةُ بِأَمْرِهِ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ. انْتَهَى. وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لِأَجَلِ تَطْيِيبِ قَلْبِهَا كَمَا قِيلَ: قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عُمَرَ وَالْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُمَا قَالَا: «إتْمَامُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] بِأَنْ تُحْرِمَ لَهُمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ» بَلْ قَدْ ثَبَتَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ: إنَّ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ» . وَأَمَّا مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْمَنَارِ: إنَّهُ لَوْ كَانَ أَفْضَلَ لَمَا تَرَكَهُ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ فَكَلَامٌ عَلَى غَيْرِ قَانُونِ الِاسْتِدْلَالِ. وَقَدْ حُكِيَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ فَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ بِأَنْ يُنْشِئَ لَهُمَا سَفَرًا مِنْ أَهْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُنَاسِبُ لَفْظَ الْإِهْلَالِ الْوَاقِعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَلَفْظَ الْإِحْرَامِ الْوَاقِعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيٍّ وَعُمَرَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَحْثِ حُكْمِ الْعُمْرَةِ تَفْسِيرًا آخَرَ لِلْآيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>